فوزي سعد الله ـ العالم يرتجف..والكل خائف..في زمن "عوم وعَسّْ حْوايْجَك"...
بواسطة 2021-03-14 00:48:10

فوزي سعد الله
هذا ما يجري..سباق تسلح محموم في العالم..الكل يقاتل من أجل توسيع نفوذه أو على الأقل لحماية ما لديه والدفاع عنه، إلى حين تتوفر أيام أفضل، على أنقاض الإمبراطورية الأمريكية المتراجعة كقوة مهيمنة على العالم ومنظِّمة، وفق مصالحها، لشؤونه. وبتراجع إمكانيات واشنطن وعجزها عن إدارة العالم، عن قرب وبشكل مباشر مثلما كانت، تميل في ظل أوضاعها الجديدة إلى تكليف الوكلاء إقليميا لمساعدتها بأدوار أوسع وفقا لخريطة النفوذ الموروثة عن الحقبة الاستعمارية: تركيا في البحر الأسود وبعض الشرق الأوسط مع محاولات اختراق في الأطراف القريبة، فرنسا والحلف الأطلسي في البحر المتوسط وإفريقيا، بريطانيا بعيدا عن الأضواء ودون ضجيج في مستعمراتها القديمة في جزيرة العرب وبعض جوارها، الحلف الأطلسي بقيادة واشنطن في القطب الشمالي وعلى مشارف الحدود الروسية في أوكرانيا وفي الدول الاسكندينافية ودول البلطيق الحليفة وفي أرمينيا، فضلا عن بحر الصين الجنوبي وشبه الجزيرة الكورية...إلخ.
لكن، ليس أفول الشمس الأمريكية لوحده يقف خلف هذا الارتجاف العالمي، لأن هناك أسبابا أخرى وأبرزها الصراع الدولي على الطاقة الذي له نصيب لا يستهان به في تأجيج التدافع الذي كبر وأصبح صراعا منذ شهر أغسطس الماضي على الأقل حتى أنه قد ينفجر معارك وحروبا تحرق الطاقة والمتنافسين عليها على حد سواء، لأن حقول الغاز البحري المكتشفة تحيط بها دول لا تكن الودّ لبعضها البعض إن لم تكن منخرطة في صراعات وحروب منذ عشرات السنين.
في سنة 2013، قال فريدبيرت بفلوغر، الخبير الأمني الأوروبي وسكرتير الدولة الألماني الأسبق للدفاع متحدثا عن اكتشاف الاحتياطات الضخمة لغاز جيد النوعية في شرق البحر المتوسط سنة 2009، الطاقة النظيفة التي تُعتبر "طاقة المستقبل ومستقبل الطاقة"، إن "هذه الاكتشافات تملك القدرة على تغيير مجرى التاريخ". وأوضح بأنها "قد تجلب الازدهار لإسرائيل وقبرص وتركيا، كما قد تُغرق المنطقة، التي تعاني أصلا من الصراع التركي القبرصي والحرب في سوريا، في أزمة أكثر عمقا".
وقدَّر خبراء الطاقة كمية الغاز البحري المرصود في أعماق مياه مصر وفلسطين ولبنان وقبرص واليونان بنحو2000 مليار متر مكعب، قالت صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية إنه يعادل استهلاك فرنسا لمدة 45 عاما، فيما تقول آرميل لوكاربونتييه (Armelle Lecarpentier)، الخبيرة في المعهد الفرنسي للبترول والطاقات الجديدة، إن حجم إجمالي هذه الاحتياطات المكتشفة في شرق البحر المتوسط يقدر بنحو 3 آلاف مليار متر مكعب موضحة أنه "يضاهي ما تتوفر عليه الحقول التي صنعت ثروة النرويج منذ عدة عقود". وإذا عدنا إلى تقديرات هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية (US Geological Survey) فإن أعماق شرق البحر المتوسط تتوفر على 3400 مليار متر مكعب من هذه الطاقة التي انطلقت الخطوات الأولى على درب استكشافها في سنة 1999.
وفي الحقيقة، البحر المتوسط من شرقه إلى غربه معرض لهزات عنيفة لم يشهد مثلها منذ فترة طويلة إن لم تتوافق دوله على تفاهمات متوازنة لتقاسم الطاقة والنفوذ. وإذا كان الإعلام قد سلط بعض الضوء على ما يجري في شرقه، فإن التوتر الصامت في غربه، بين الجزائر وفرنسا وإسبانيا والمغرب وإيطاليا وتونس وليبيا إلى حد ما، وتوجُّس الكل من الكل بقي مغيَّبًا حتى الآن، ولا يُتحدَّث عنه إلا باقتضاب وكأن هناك مَن يريد إبقاءه كذلك حتى لا تتأثر الخطط والمشاريع بما قد يطرأ ويعرضها للخطر، لاسيما إذا دخل ضغط الرأي العام على الخط.

شوهد المقال 536 مرة
التعليقات (0 تعليقات سابقة):
أضف تعليقك