خليفة عبد القادر ـ مسألة العنصرية من جديد! في الولايات المتحدة الأمريكية
بواسطة 2020-06-09 03:30:10

أ.د. خليفة عبد القادر
عادت العنصرية لتطرح من جديد بعد جريمة قتل للمواطن الأسود جورج فلويد في منيابوليس الأمريكية لتعم الاحتجاجات مصحوبة بأعمال شغب ونهب عام في أغلب المدن الأمريكية وتنتشر موجة من الاحتجاج عبرت كل عواصم العالم الغربي من واشنطن إلى برن مرورا بلندن وباريس، إنها موجة جديدة لمعظلة قديمة طغت أخبارها لأول مرة منذ شهور على أخبار كورونا.
هذا التطور المفاجىء في قلب العالم الغربي الذي عصفت به تداعيات كورونا إقتصاديا وسياسيا، تضيف إلى همومه محنة مزمنة تتمثل في قيمة من القيم الانسانية التي تدعي أن الحضارة الغربية الحديثة القائمة على مبادىء الحرية والديمقراطية قد تجاوزتها.
العنف العنصري ليس ظاهرة جديدة على المجتمع الامريكي صحيح أن ما قام به وتقوم به على الدوام الشرطة في الولايات المتحدة في التصدي العنيف إلى معدلات الجريمة المنتشرة في المجتمع الأمريكي ينتهي في كثير من الأحيان إلى القتل لكن في المقابل فبالرغم من أن مجتمع السود في الولايات المتحدة لا يمثل سوى 12% من المجتمع إلا أن أفراده يقومون سنويا بنسبة 60% من جرائم السرقة والمخدرات والقتل، وأن هذا الرجل الأسود المغدور لم يكن حمل وديع فهو الآخر ذو سوابق إجرامية متعددة.
إنى لا أقوم في هذه المقدمة بأي تبرير لجريمة القتل ولا للسلوك العنصري، ولكن من حقنا التساؤل لوضع الظاهرة في مكانها الصحيح وبحجمها الفعلي مع الأخذ في الحسبان الظرف الاقتصادي والسياسي المحيط بها.
متى توقفت العنصرية في أمريكا والعالم الغربي عموما، المجتمع الأمريكي قام أصلا على العنصرية بإبادة شعوب وحضارات وثقافات سابقة وعاش واقتات الغرب الاستعماري طيلة قرون على رقاب شعوب بأكملها في المستعمرات، وبالرغم من الأفكار والفلسفات الحديثة الانسانية وشيوع الديمقراطية والحرية والمساواة كقيم ميزت أفكار ما يسمى بالديمقراطيات الغربية في العالم المعاصر بعد الحرب الكونية الثانية، إلا أن ممارسات الهيمنة للفكر والنظام الرأسمالي المتوحش كان دائما سمة بارزة، فالصراعات والحروب الاقليمية وسياسة التحالفات وحروب الوكالة التي أدت إلى إفقار وطحن شعوب بأكملها في أمريكا وآسيا وإفريقيا، وهي استمرار لنفس النظام والفكر الاستعماري العنصري.
ما لذي جعل مسألة العنصرية تطرح بهذه الحدة والآن بالتحديد؟
مع تداعيات جائحة كورونا على الإقتصاديات الرأسمالية بالخصوص وتوقف عجلة الانتاج والاستهلاك والتبادل، إنما جعلت المجتمعات الهشة أكثر هشاشة بتأزم مأساتها الانسانية وزيادة فقرها وتعاستها وهي في الأغلب مجتمعات السود واللاتينيين والهنود وهذا ما يفسر تنامي ظاهرة النهب التي طغت على الاحتجاج.
لا نستبعد أيضا دور ما للقوى السياسية والاقتصادية تحضيرا للانتخابات الرئاسية المصيرية في نوفمبر القادم ...

شوهد المقال 390 مرة
التعليقات (0 تعليقات سابقة):
أضف تعليقك