نوري دريس ـ سيبقى العالم رأسماليا العالم بعد كورونا سيكون نفسه العالم قبل كورونا, وربما أبشع...

د. نوري دريس
الرأسمالية لم يقض عليها لا كساد 29, ولا الحرب العالمية الثانية التي افرزت الاشتراكية ...
تعيش الصين اليوم, نفس اللحظة التاريخية التي عاشتها الرأسمالية خلال القرن الثامن عشر, لحظة الراسمالية المتوحشة التي تنتج من اختلال علاقات القوة في سوق العمل لصالح الرأسمال.
الصين بلدا رأسماليا, ولكنه ليس ديمقراطيا بعد, و السبب هو ان العلاقة في سوق العمل لا تزال لصالح الراسمال بسبب الانفجار السكاني الكبير الذي عرفته الصين خلال العقود الماضية
عدو الراسمالية هي الديمقراطية, لكنها مجبرة للتعايش معها. اي ان الراسنال مجبر علي تقديم تنازلات سياسية و اجتماعية للعمال مقابل شراء قوة عملهم...بل سيصل الراسمال الي لحظة يتنازل فيها عن جميع امتيازاته السياسية والاجتماعية و يكتفي فقط بالحق في استغلال قوة العمل داخل المصنع...
الديمقراطية.الحديثة هي الآلية التي تمت بها تسوية.الخلافات و الصراعات بين العمل والراسمال. و المحتمعات الحديثة هي محتمعات تجاوزت الانقسام الايديولوجي , و اصبحت منقسمة فقط بين العمل و الرأسمال. يمثل اليسار, او الديمقراطيون العمال, و ينثل اليمين و الجمهوريون مصالح الرأسمال..
في لحظة انخفاض اعداد اليد العاملة, وتزايد حاجة الراسمال لليد العاملة, اصبح للعمال قوة تأثير, مارسوها بالعمل النقابي, و تحصلوا علي حقوق نقابية متعلقة بظروف العمل( رفع الاجور, تقليص ساعات العمل..) وحقوق سياسية( انتخاب مؤسسات تشريعية ورقابية لتسهر علي تطبيق القانون والحفاظ علي العقد بين العمل و الرأسمال...وحرية.التعبير و الصحافة لمراقبة راس المال ...
الديمقراطية قيدت الراسمالية , وخفضت ارباح الراسمال الي الحدود الدنيا التي تسمح شروط التراكم...ودفعته الي التنازل عن جزء الارباح للخدمات الاجتماعية, الصحية, التعليم...
يستغل الراسمال الصيني اليوم هذه المرحلة, التي لم تنشأ فيها بعد ضغوط الحركات العمالية ومن كون الدولة في صالحه: الدولةالصينية هي دولة رأسمالية مع لمسة اجتماعية بالحد الادنى لتجنب ثورات الجياع...
الراسمال بطبعه, يهرب حيث لا توجد الديمقراطية, وجد في جنوب اسيا و الصين ارضا خصبة لتحقيق هامش ارباح اكبر بكثير من اوروبا, حيث العمال انتزعوا مكاسب كثيرة منذ القرن عشر الي اليوم, واصبحت مكرسة في الدساتير, يصعب الالتفاف عليها علنا...
شوهد المقال 654 مرة
التعليقات (0 تعليقات سابقة):
أضف تعليقك