عثمان لحياني ـ نحن الأفارقة.. وفرنسا العريانة
بواسطة 2020-04-08 00:13:59

عثمان لحياني
هل كان على الجزائريين والأفارقة انتظار أزمة كورونا وتصريحات أطباء فرنسيين بشأن اجراء تجارب لقاح مضاد لفيروس كورونا أولا على الأفارقة ، لاكتشاف هذا الجزء القبيح من العقل الفرنسي المتخم بالكولونيالية وبازدراء الآخر والتفوق العرقي الذي يضع الافريقي في مصف أدنى من الرجل الغربي النبيل؟! .
قبل الطبيبان ، رئيس قسم العناية المركزة فى مستشفى بباريس جان بول ميرا،ورئيس قسم الأبحاث فى مجموعة "أنسرم" الطبية كاميل لوكت، كان طبيب نابليون جورج كوليي، وقبل الأفارقة المراد تجريب اللقاحات عليهم، كانت "سارة برتمان" ، وسارة هذه سيدة من قبيلة افريقية اقتلعت من قبيلتها ونقلت الى باريس لتكون محل بحوث حول شكل الانسان الافريقي ، كانت تُعرض في السيرك للجمهور ، قبل أن ينتزع طبيب نابيلون مخها وأعضاء من جسدها لاجراء البحوث ،حُنط جسدها لوضعه في متحف بشري ، وفي عام 2002 انتزع الزعيم نيلسون مانديلا من الفرنسيين جسد "سارة برتمان انتزاعا " ونقلت لتدفن في موطن قبيلتها في جنوب افريقيا.
يوجد في باريس نفسها متحف " الانسان" ، معرض يجسد سادية المستعمر ودناءة رصيده الأخلاقي ، يتيح للجمهور جماجم لقادة ومقاومين جزائريين ، وهياكل وجماجم حقيقية لأشخاص من كل البلدان والقارات التي كان لفرنسا فيها موطأ قدم وماضي كولونيالي، فقد كان انسان مناطق متعددة من افريقيا وآسيا محل تجارب طبية للأدوية وتجارب بيولوجية وبحوث أركيولوجية.
في الجزائر أيضا، تركت فرنسا تاريخا أسودا من التجارب الطبية والعلمية والعسكرية على الأرض والانسان، مازالت الصور توثق كيف ربطت فرنسا الاستعمارية في رقان بصحراء الجزائر، عشرات الأهالي على أعمدة لقياس مدى تأثر الانسان بتفجير القنابل النووية ، بل ان ضحايا هذه التجارب مازالوا يولدون حتى الآن مشوهين بسبب الفضلات النووية.
فيض من غيض هذا، ومشكلة قطاع من النخب الفرنسية العلمية والسياسية والاقتصادية، والاعلامية حتى ، أنها لم تتجرع بعد الهزيمة الثانية للفكر الكولنيالي بعد هزيمته على الأرض (الاستقلال) وفراغ رصيده من القيم الواهمة ، لا تريد هذه النخب أن تستوعب بعد حجم التغيرات الايجابية الحاصلة في المجتمعات الافريقية ، وخاصة تلك التي يتصاعد فيها الفكر المحلي المناهض للماضوية الاستعمارية ، وفي الدول التي بدأت تتسلم زمام أمورها بأدواتها المحلية وتطارد أدوات الكولونيالية الجديدة ، مثل الجزائر وتونس ورواندا وغيرها .
تجد هذه النخب الفاشية التي تريد أن تمدد في الزمن الاستعماري ساعة أخرى ، في جزء من الاعلام الفرنسي نوافذ مشرعة تلقي منها أفكارها الفاسدة ، وتتعرى من خلالها فرنسا الأخرى التي تقيم مجدها على أنقاض الملايين من الضحايا الأفارقة ، ونورها من ظلماء أوضاعهم ، يجدر تذكير هذا النوع من النخب الفرنسية بهذا القبح دائما وبعارها التاريخي وعريها الأبدي ، فهم يكرهون ذلك، كما يكرهون تذكيرهم أنه لولا المجندين من شعوب المستعمرات والحلفاء لكانت اللغة الألمانية سائدة الآن (احتلال هتلر لباريس عام 1940).
حتى لا يسقط أي استقراء في التعميم ، كان دائما هناك اعلام فرنسي مناهض للكولونيالية ، ونخب مناهضة أيضا لها مواقف مشرفة ، سواء اتجاه الجزائر أو اتجاه القضايا الافريقية والتحررية في العالم ، يحظون بالتقدير وأفردت لهم ساحات بأسمائهم في هذه البلدان .
الصورة الحديثة لجماجم معروضة في متحف الانسان بباريس، صورتها قبل سنتين خلال تصوير برنامج حول جماجم المقاومين الجزائريين الموجودة في هذا المتحف

شوهد المقال 324 مرة
التعليقات (0 تعليقات سابقة):
أضف تعليقك