سامي خليل ـ العقب الحديدية دائما و أبدا ...

د. سامي خليل
أعرف انه لدينا ما يكفي من المشاكل للإهتمام بما يجري في البلدان الاخرى لكن العالم عبارة عن قرية صغيرة الآن و لا يمكن تجنب السيل العارم من الاخبار على مدار الساعة.
نتذكر تكتل الاستبلمشنت في بريطانيا ضد زعيم حزب العمال جيريمي كوربن بسبب مواقفه الانسانية المشرفة المناصرة للقضايا العادلة و على رأسها قضية فلسطين و نظرته للعالم التي تختلف تماما عن نظرة القوى المحافظة الداعمة لديكتاتورية الاسواق كما نتذكر ايضا تعرضه لحملة شيطنة لا مثيل لها دامت أربع سنوات و إشتركت فيها بشكل مكثف السفارة الاسرائلية في لندن (راجع تحقيق قناة الجزيرة the lobby) لمنعه بأي طريقة (كما قال سعيد سعدي ذات يوم لعباسي مدني ) من الوصول الى كرسي الوزارة الاولى و انتهى هذا العمل الجهنمي بخسارة فادحة لكوربين و حزبه (هناك اسباب أخرى بالطبع).
الآن جاء الدور على بيرني ساندرز المرشح الديقراطي لإنتخابات الرئاسة الامريكية ليحس بالعقب الحديدية (كما وصفها ببراعة جاك لندن و لاحقا جورج اورويل) للدولة العميقة التي تعمل ليل نهار لكسره نفسيا و سياسيا و لم تشفع له يهوديته لمنع تهمة آيباك له بأنه معاد للسامية لأنه مثل كوربين مناهض للصهيونية و لسياسات الأبارتايد للكيان المحتل. مرحلة جديدة من احتواء ظاهرة ساندرز شهدتها الانتخابات الأولية في ولاية آيوا Iowa و التي بلغت مبلغا من الابتذال التراجيكوميدي بعد أن عبثت أياد خفية بالتطبيق المخصص لجرد نتائج التصويت و عطلته مما ادى الى ارتيابات كبيرة و اعادة لحساب الاصوات في ظروف كارثية و اتهامات لإدارة الحزب المحلية بالتقصير بل بتعمد التخريب. هذه الأساليب المافياوية تهدف حسب العديد من الملاحظين الى قتل حملة ساندرز معنويا و هي في المهد بعد ان تأكدوا من تفوقه على الأرض و إحتمال فوزه لمواجهة ترامب في نوفمبر القادم. بل أن هناك من الديمقراطيين من قالوا في مجالسهم الخاصة (تسريبات صحفية) بأنهم يفضلون فوز ترامب على رؤية بيرني في البيت الأبيض.
هذه هي حقيقة العالم كما هي عارية ببشاعتها: "الرأسمالية و اسرائيل" خط أحمر. لا يهم من تكون فالعقب ستدوسك آجلا او عاجلا إذا لم تلتزم بقواعد اللعبة. هذا يعطينا فكرة عن صعوبة المهمة فإذا لم يرحموا كوربين او ساندرز و هم أبناء البلد أبا عن جد فما بالك بباقي تيارات المقاومة عبر العالم و التي ترفض هذه الهيمنة ؟
المعارك السياسية تتطلب أخذ هذه الحقائق في عين الاعتبار لأن نفس الفكرة تم تصديرها لدول العالم و يجب الحذر من حزب اسرائيل المحلي الذي سيقوض نجاح اي مشروع جدي يهدد الهرولة العالمية نحو التطبيع أو يشكك في نجاعة دكتاتورية الأسواق.
شوهد المقال 546 مرة
التعليقات (0 تعليقات سابقة):
أضف تعليقك