حارث حسن - عائلة بوش وعائلة كلينتون والإنتخابات الأمريكية
بواسطة 2015-06-16 00:37:20

د.حارث حسن
على الأرجح ، ستجري الجولة النهائية للانتخابات الرئاسية الأمريكية ، مجدداً كما حصل في العام 1992 ، بين ممثل لعائلة بوش وممثل لعائلة كلينتون. على الأقل ، فان التأثير المباشر لمثل هذه الظاهرة يجب أن يدفع البعض للتوقف عن اعتبار "السياسات الملتصقة بالعوائل" سمة شرقية فقط .
أتذكر انني قرأت في العام 2007 كتاباً لكاتب أمريكي عن ادارة الانتخابات الأمريكية ، وركز الكاتب على مسألة الـ Branding (أي اعطاء كل مرشح براند خاص به لكي ينافس في السوق الانتخابية ). هذا الكاتب وغيره أشروا الى تحول كبير في ادارة الانتخابات منذ صعود نفوذ وسائل الاعلام في تشكيل السباق الانتخابي ، أصبحت قوانين الانتخابات أقرب الى قوانين السوق منها الى قوانين السياسة ، و في العقود الثلاثة الأخيرة تطورت مبادئ (التسويق السياسي political marketing ) بحيث أصبحت هي محور التنافس السياسي ، وتقوم على فكرة ان على المرشح الجديد أن يخلق "سوقاً" لسلعته من أجل أن يكون قادراً على المنافسة لأن هناك (براندات) كبرى تقتسم السوق ، والناس تركن اليها بحكم ما اعتادت عليه من تفضيل البراندات المعروفة ، وعلى المنافس الجديد ان يقنع الناس بأن هناك سبباً جيداً كي يتخلوا عن البراندات القديمة ويختاروه ، وهذا ما فعله الرئيس اوباما في حملته الانتخابية في العام 2008 حين أدرك ان السوق متعب من البراندات القديمة وعرض شيئاً جديدا للمشترين.
عودة النخبة الأمريكية الى تفضيل عائلتي بوش وكلنتون ، تعني في الأساس عودة الى "المحافظة السياسية" ، تراجعاً في حس المغامرة ، وركوناً الى البراندات التقليدية. شخصياً اعتقد ان النخبة تحسم الانتخابات قبل ان يذهب الناس الى الاقتراع ، ولا اقصد بذلك انها تقرر من هو الفائز ، بل هي تحدد مسبقاً النطاق الذي يجري فيه التنافس ، وهو ما أسماه (دانيال هالين )في بحثه الشهير عن علاقة الاعلام بالنظام السياسي بـ"مجال التنافس المشروع" .
اللجوء الى عائلتي كلنتون وبوش مجدداً يعني ميلاً لتضييق نطاق مجال التنافس بحيث لا يخرج عن حدود الموقف المحافظ لدى النخبة ، لكنه على المدى الأبعد ، قد يخلق فراغاً كبيراً في السوق يسمح بظهور براند جديد ومختلف مستقبلاً.
شوهد المقال 2919 مرة
التعليقات (0 تعليقات سابقة):
أضف تعليقك