محجوب الزويري - الحرب العالمية وإرثها في الشرق الأوسط
بواسطة 2015-03-17 14:44:47

د.محجوب الزويري
الحرب تلك المرحلة من التعبير عن الرغبة في تحقيق ما لم يتحقق بالتفاوض او الحوار. هي الفعل الذي يقوم به الانسان فيؤرخ له ويوؤرخ به. هي الحالة الاعم في تاريخ الانسان والاستثناء هو السلام والاستقرار. قد يقف سليل السيوف وقذائف المنجنيق واصوات البنادق و المدفعية وقصف الطائرات،لكن نتائج تلك الحرب تبقى ماثلة للعيان اجيال عديدة وأعوام مديدة.
كانت حرباً وكانت عالميةً وكانت الاولى، أرّخ لها كثيرون وسيؤرّخ لها كثيرون. تجاوزت حدود الجغرافيا الطبيعية والبشرية، تجاوزت اليابسة والماء وأدخلت السماء الى فضاءات الحرب الحديثة ، لقد كانت تلك الحرب الاولى بحق التي بدأ معها استخدام الصور الجوية اي إمكانية التصوير الجوي عبر الطائرات.
في بلاد سميت بالشرق الأوسط في العام 1902 واُخرى أوروبا الوسطى ثمة بشر انهارت كل مظاهر الدولة لديهم، او لنقل دُمّرت كل مظاهر الدولة، فأصبح الأنسان كما الارض مادة على موائد التنافس على النفوذ من اجل السيطرة على الجغرافيا التي تحتضن الانسان وموارده الاقتصادية المتنوعة والغزيرة.
اعتاد المؤرخون على الحديث عن الحرب العالمية الاولى بوصفها حدثاً، والحدث تعريف يعني الانقضاء بلا أثر او بأثر قليل. لكن الحرب الاولى لم تكن حدثاً بل عملية تتابعت خلال حدوثها وبعدها التغيرات حتى اللحظة التي نحن فيها. فالإنسان في الشرق الأوسط لا سيما العرب وكذلك اخوته في الانسانية في أوروبا الوسطى مر عليهم شبح التقسيم والعبث بحاضرهم آنذاك ومستقبل أجيالهم الذين نحن جزء منه.
حارب الكبار على جغرافيا لم تكن لهم وأهلكوا حرثا ونسلا من اجل بقائهم ونفوذهم. تعاملوا مع الجغرافيا بمنطق القص الذي يتعامل فيه اطفالنا في التحضير لرسوماتهم. ظهرت اسماء كيانات واختفت اخرى، طرحت أسئلة القومية والمذهبية والقبلية في مجتمعات كانت معدلات الأمية فيها تتجاوز التسعين في المئة.
ان استحضارنا لجوانب متعلقة بالحرب العالمية الاولى وارثها، ليس ترفاً ولا مجرد اضافة مؤتمر الى أخريات نُظَمت حول هذا الموضوع، انه استحضار لنعرف فنخرج من خطئية الجهل ، ولنعلم فلا يتفوق علينا الاخر بالعلم، ولنتعلم فننجو والاجيال القادمة مما وقع فيه آخرون جهلا من أنفسهم او تجهيلا لهم.لان الحرب كانت عملية ولأنها اخترقت وتخترق مع شقيقتها الحرب العالمية الثانية فضاءنا المعرفي والسياسي العربي، فقد جاء هذا المؤتمر مساهمة من برنامج التاريخ في كلية الآداب والعلوم في جامعة قطر في النقاش والبحث العلمي حول إرث هذه الحرب. إن ما يميز هذا المؤتمر هو أن الاوراق المقدمة خلال يوميه تتجاوز النمط التقليدي في الحديث عن الحرب وعن العمليات العسكرية الى النظر الى الجوانب والقصص غير المحكية والتي لم تنل حظها من التناول، كما أنه يقدم مقارنة بين منطقتي الشرق الاوسط واوروبا الوسط التي فُرضت عليهما ان تكونا مشهداً مهما لتلك الحرب.
جانب من حديثي في افتتاح المؤتمر العالمي الثاني حول الحرب العالمية وإرثها في الشرق الأوسط
شوهد المقال 1620 مرة
التعليقات (0 تعليقات سابقة):
أضف تعليقك