محمد زاوي - تتار القرم وهواجس العهد الستاليني
بواسطة 2015-03-01 18:57:33

محمد زاوي
مع تنصيب تمثال للزعيم السوفياتي السابق جوزيف ستالين بقصر ليفادي بمدينة يالطا جنوب شبه جزيرة القرم, رفقة تمثالين آخرين لرئيس الوزراء البريطاني وينستون تشرشل والرئيس الأمريكي السابق فرانكلين روزفلت, عادت هواجس العهد الستاليني الى أذهان وعقول تتار القرم المسلمون والسكان الأصليون لشبه الجزيرة التي ضمتها روسيا شهر أفريل 2014.
هواجس ازدادات حدتها منذ ذلك التاريخ, حيث عارض التتار بقوة الاستفتاء المنظم في شبه الجزيرة حول الانضمام الى روسيا من عدمه.
السلطات الروسية وبعد ضمها للقرم حاولت تطمين التتار, من خلال العديد من الوعود والاجراءات التي أعلن عنها الكريملن, حيث تعهد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين باعادة حقوق التتار في القرم ورد الاعتبار لهم بعد اتهامهم بالتعاون مع النازيين خلال الحرب العالمية الثانية من قبل النظام السوفياتي انذاك بزعامة ستالين.
هذا وتضمن برنامج بوتين ايضا اعتبار اللغة التترية لغة رسمية ثانية في القرم , كما وعد بمساواتهم في الحقوق مع الروس والأكرانيين في شبه الجزيرة .
لكن يبدو أن هذه الوعود وغيرها لم تكن سوى جرعات مسكنة لتهدئة الأوضاع وتثبيت أقدام الدب الروسي على أرض القرم.خاصة وأن مخاوف كبيرة صاحبت الوضع الجديد, لعل أهمها محاولة استغلال رفض التتار ضم شبه الجزيرة لروسيا وتجنيدهم ضدها, مما يخلق حالة من البلبلة والفوضى. فروسيا كان هدفها تمرير سيناريو ضم القرم في هدوء وبطريقة ناعمة لتجنب ردود فعل عالمية.
أولى بوادر الانتقام الروسي من رفض التتار لاستفتاء ضم القرم لروسيا جاء بعيد شهر فقط, ففي ماي 2014 منعت السلطات الروسية في القرم دخول الزعيم الروحي لتتار القرم مصطفى جاميلوف وكذا رئيس مجلس تتار القرم رفعت تشوباروف من دخول شبه الجزيرة,كما صاحبتها موجة اعتقالات في صفوف النشطاء السياسيين التتاريين.
ومع بداية سنة 2015 توسعت دائرة المخاوف لدى تتار القرم من السياسة الانتقامية التي تنتهجها السلطات الروسية الحاكمة في القرم والتي تمثلت في عملية مداهمات لبيوت شخصيات تترية, كان آخرها مداهمة بيت نائب رئيس مجلس تتار القرم "أبرز مؤسسة سياسية تترية" أختيم تشيغوز المتهم من قبل سلطات القرم بالمشاركة والتخطيط لأعمال الشغب أثناء مضاهرة جرت أمام برلمان القرم في 26 فبراير 2014. وقبلها بأيام فقط قامت وحدات من الكوندوس التابعة للأمن الروسي بمداهمة قناة "ATR" التترية وتفتيش مقرها ومصادرة العديد من معدات البث والأجهزة الالكترونية .
تضاف هذه الاجراءات الروسية في القرم الى اخرى تتعلق بالهوية الدينية لهم حيث منعت الكثير من الكتب الشهيرة والتي كانت تتدوال بشكل عادي أيام الحقبة الأكرانية.
رياض الصالحين , الأربعين النووية, الرحيق المختوم وغيرها من الكتب التي لطالما ساهمت في التعريف بالاسلام وتثبيت عقيدة التتار المسلمون الذين تعرضوا للاضطهاد العرقي أيام الاتحاد السوفياتي,منعت من قبل السلطات الروسية في القرم بحجج واهية , وقامت مصالح الأمن بعملية مداهمة للعديد من المدارس الدينية والمساجد ومصادرة ما تحويه من هذه الكتب.
أحداث التهجير القسري الذي تعرض له التتار في شهر ماي سنة 1944 لم يمحى من ذاكرة التترين الذي رحلوا الى آسيا الوسطى وسيبيريا ولقي الكثير حتفهم في رحلة شاقة , كل هذا بحجة واهية ابتدعها جوزيف ستالين وهي تعاونهم مع النازيين خلال الحرب العالمية الثانية الأمر الذي فندته فيما بعد السلطات السوفياتية نفسها, تعود ذاكرتها هذه المرة بشكل أكبر والمخاوف تزداد في ظل القبضة الروسية على القرم الموطن الأصلي للتتار.
mohammed.zaoui@live.com
شوهد المقال 1148 مرة
التعليقات (0 تعليقات سابقة):
أضف تعليقك