ميثم العيبي ـ تحليل خطاب "سعر الصرف" السياسي
بواسطة 2021-03-27 02:41:30

ميثم العيبي
خلال اليوميين الماضيين، اصبح سعر الصرف مادة اكثر وضوحا وتشويقا للاقتصاد السياسي، اذ نزلت قوى مسلحة الى الشارع، في استعراض يقوم بتهديد صريح للحكومة، (25-3-2021)، ليكون في طليعة شعاراتها: "التراجع عن قرار رفع سعر الدولار"، الذي يبدو ان ضربته كانت موجعة، بحيث تحول الصراع من قوة اقتصادية ناعمة الى الرد بقوة خشنة.
الصدر:
يقوم السيد الصدر بالرد على هذا الاستعراض، معلقا على سعر الصرف تحديدا، وذلك في تغريدة على تويتر (25-3-2021)، تشير لضرورة ترك موضوع رفع سعر الدولار الى المختصين، رافضا اللجوء الى السلاح لتحقيق هذا المطلب، متحدثا عن مضار وفوائد هذا القرار.
تحليل خطاب الصدر يشير الى انه لا يرفض القرار صراحة، بل ينوه الى ضرورة تجنب اثاره الجانبية الضارة، خصوصا ان استخدامه عبارة (ان لا يتضرر الشعب كثيرا) تدل على ان هناك مقبولية بتحميل الاقتصاد بعض اثاره، اذ ينوه الى تجنب تلك الاثار من خلال دور الحكومة في مراقبة الاسواق ومعاقبة المقصرين.
من جانب اخر، كان هناك ضوء اخضر من قبل الصدر في تغريدة (25-3-2021) لحكومة الكاظمي برفض استخدام السلاح في الاستعراض لتحقيق المطالب، والتأكيد على "الحيلولة دون وقوعه مرة اخرى"! وهو امر يتوافق مع تغريدة سابقة للسيد الصدر (23-3-2021) تحث الحكومة على العمل بحزم ضد كل الاعمال المسلحة التي تستهدف امن العراق... وهو امر يتناغم مع رد الكاظمي على الاستعراض بالقول "هناك من يعتقد انه بالسلاح يمكن ان يهدد الدولة..." وايضا "والله لن نخاف من احد بل نخاف من ضمائرنا فقط..."
الكاظمي:
خطاب الصدر ينسجم كثيرا مع تصريحات الكاظمي في مجلس الوزراء (23-3-2021): "وَجَهتُ وزارة الداخلية باتخاذ اجراءات مناسبة لمنع التلاعب بقوت المواطنين وكف جشع بعض التجار ومتابعة الاسواق" وهو تصريح انخفض على اثره الدولار الى 1442 دينار بعد ارتفاع اسعار بعض المواد الغذائية.
كما كان الكاظمي قد وجه قبل ذلك بيوم واحد (22-3-2021) "الدخول في حالة طوارئ لتوفير مفردات البطاقة التموينية، استعدادا لشهر رمضان"، وهو امر يرتبط بلا شك بمحاولات تجنب تداعيات رفع سعر الصرف... كذلك التصريحات المستمرة حول تمكن الحكومة من تأمين رواتب الموظفين، في اشارة الى الجدوى المالية من القرار .
المركزي والبرلمان:
لا زال البنك المركزي والبرلمان صامدين في وجه ضغوط الرجوع لسعر الصرف السابق، وهما بذلك يقفان مع الحكومة والصدر، اذ اشارت اللجنة المالية في (24-3-2021) الى انه "لا يوجد للان اي طلب نيابي للبنك المركزي لتخفيض سعر الصرف"، كما صرح البنك المركزي العراقي يوم الخميس (25-3-2021) على لسان نائب المحافظ "ان سعر الصرف الجديد حقق مكتسبات كبيرة، كتعزيز التنافسية الزراعية والصناعية، وتعزيز الموارد المالية"، وختم تصريحه بالقول ان "الأمر يتطلب تعزيز استقرار هذا القرار وعدم خلق هزات من شأنها أن تقلق المواطنين.."، وهو تصريح يمكن ان يفسر ضمنا بتأييده للحكومة وبالضد من الاستعراض، خصوصا انه اتى على خلفية تبادل التصريحات، مما يوضح حجم الضغوط التي يواجهها البنك لتبيان موقفه.
ما يمكن ان نخلص له:
- ان هناك مقبولية كبيرة لفرضية ثقل (سعر الصرف، والمزاد، والاستحواذ على البنك المركزي...) من قبل الاطراف السياسية، فهي بذلك تستحوذ على الثروة والسلطة والنفوذ، كما يتبين ثقلها في التأثير على دول الجوار وخلخلة موازينها التجارية، بحيث وصل الامر الى التلويح باستخدام العنف المسلح.
- دخول الصدر على خط سعر الصرف وعدم تأييده الرجوع لسعر الصرف القديم يؤكد افتراضات الهيمنة وانخفاض استقلال المركزي.
- ان معركة سعر الصرف تحولت الى مسألة كسر عظم، بين تلك القوى من جهة، والصدر والكاظمي من جهة اخرى، فعدم التراجع عن سعر الصرف الجديد وتمرير الموازنة (وهو امر اصبح على درجة من التعقيد) يمكن ان يكسر هيبتها، بدل هيبة الدولة، خاصة اذا تم الامر دون نزول الصدر للشارع.
- ان سعر الصرف احدث تخلخلا في التحالفات ويعد واحدا من عوامل الانقسام الجديدة مصدرها الاستحواذ على الثروات والسلطة داخل البيت الواحد.
شوهد المقال 400 مرة
التعليقات (0 تعليقات سابقة):
أضف تعليقك