وجيدة حافي ـ بئس الخُطوة تلك يا إمارات
بواسطة 2020-08-31 22:37:45

وجيدة حافي
ما العجيب في خُطوة الإمارات ؟ بالعكس موقفها وقرارها كان مُنتظرا منذ زمن طويل، فكل الظُروف تهيأت وأصبحت جاهزة للجهر بالسر وإعلانه رسميا أمام المُؤيدين والرافضين،" فخليفة بن زايد آل نُهيان" ليس مُنفذ أوامر وتابع ليقبل بهذا العار فهو كذلك له حسابات وأجندات في المنطقة وفي العالم كله، فدولة كالإمارات بوزن إقليمي ليس كبير وذات هشاشة ديموغرافية ، وتحت رحمة التحدي الإيراني لا يُمكنها أن تتدخل في قرارات ومُستقبل بعض الدُول فقط لأنها تملك المال وتستطيع شراء الذمم، فهي تفعل هذا وبكل ثقة لأنها تتعامل بمبدأ واحدة بواحدة، يعني الآخر يدعمها ماليا وعسكريا ، وهي كذلك ستُسانده في إنتخاباته القادمة وأقصد" دونالد ترامب" ونتنياهو، فمهم جدا فوز اليمين على اليسار لها لتضمن الهدوء والإستقرار والسيطرة على العالم العربي، والمُحافظة على مواقعها الجديدة التي خسرتها بعد دُخول تركيا على الخط وإتفاقها مع ليبيا ، ونفس الشيء في اليمن أين وُجودها بدأ يضمحل ويتلاشى، وبدأت فعليا تفقد السيطرة على هذا البلد وثرواته، وبُعبع إيران الذي يُلاحقها ويُهدد أمنها وأمن الخليج كُله، لذا فكل شيء واضح وُضوح الشمس ولا داعي للكذب على الشُعوب وتبرير الغلط بكذبة فندها نتنياهو وعلى الملأ لما صرح أن التطبيع لا علاقة له بالسلام والضم الإسرائيلي المُؤجل فقط، فالإمارات بهكذا خُطوة دخلت في مُغامرة سياسية مُمكن جدا أن تُؤثر عليها وعلى جيرانها بإعتبارها جُزء من الخليج العربي، فهذا التوقيع هو بداية لعسكرة الخليج وإنقسامه أكثر، ستكون بوابة الصراع الإسرائيلي الإيراني الذي يرفض وُجود بني صهيون على العالم كله فما بالك بالخليج القريب منه، فهي وصفت التدخل بالأحمق والخُطوة الغير مدروسة على المنطقة والعالم كله، وإعتبرته فُرصة لتقوية روح المُقاومة في المنطقة، فماذا نقول أمام هذا الخزي والعار العربي الذي تكاثر وإزداد في السنوات الأخيرة، فالمفروض أننا تعلمنا الدرس من التطبيعات السابقة، وفهمنا أن العدو لا يهمه سوى مصلحته وتأجيج نار الخلاف بيننا كدُول عربية، تطبيعات بدأت سنة 1948 حين وضعت دولة الإحتلال أولى أقدامها على أرض فلسطين، 1978 وإتفاقية "كامب ديفيد" التي وقعها أنور السادات ورئيس الوزراء الإسرائيلي "مناحيم بيغين" ثُم جاءت إتفاقية أُوسلو نسبة إلى أُوسلو النرويجية أين تمت المُحادثات السرية التي تمت سنة 1991 وأفرز هذا الإتفاق فيما عُرف بمُوتمر مدريد، أما الإتفاقية التي تم توقيعها في 13 سبتمبر 1993 أول إتفاقية رسمية بين إسرائيل ومُنظمة التحرير الفلسطينية، تطبيعات صحيح لم تكن تحمل الطابع التجاري والإقتصادي، بل مصلحة الشعب الفلسطيني وفلسطين التي كانت قبل كل شيئ، إلا أنها في نظري تبقى نوع من الضغط علينا كعرب وك فلسطين التي آن الآوان أن تتحد داخليا ويضع قادتها اليد في اليد ليُحرروا بلدهم، لأن التطبيع لن يتوقف في الإمارات وسيمتد إلى دُول أُخرى شئنا أم أبينا، فالبحرين والسُودان وعمان في الطريق وأُخرى تدرس إمكانية تغيير سياستها وإستراتيجيتها السياسية والإقتصادية، فمبروك سلفا نفط الخليج لإسرائيل التي تستورده من مناطق بعيدة تُكلفها الكثير، مع عدم أمان خُطوط التوصيل، مبروك عليها سوق الخليج المُستهلكة أكثر منها مُنتجة، وترليون مبروك تسعير الخلاف بين الإخوة الخليجين الذين إنقسموا بين رافض وقابل للفكرة، كل حسب علاقاته ومصالحه، وكان الله في عون كل من اليمن والسودان، ليبيا وكل دولة وصلت لها يدي الإمارات سواء بطريقة مُباشرة أو غير مُباشرة، لأنها بعد الآن ستكون ميراث يتقاسمه الإماراتيون مع الإسرائليين، فالتطبيع لا يعني فقط علاقات وإستثمارات فهو أكبر من هذا، هو نوع من الحماية تُوفرها القوى العُظمى للضعيفة مُقابل بعض التنازلات ، ولأن إيران هي كبش الفداء الذي قدمته الإمارات وتريده إسرائيل، فهي الآن ستكون في مُواجهة مُباشرة مع إسرائيل عدوها اللذوذ الذي يمقتها ويفعل المُستحيل لكسرها وعدم تقديم المُساعدة للمُقاومة في غزة وسوريا ولبنان، وفي نفس الوقت ستزيد من يقظتها الأمنية وخاصة على الحُدود ومع جاليتها المُتواجدة في الإمارات بكثرة، فالمُوساد الإسرائيلي سيُكثف من جوسسته ومُخابراته أكثر من الأول.
فنحن لما تحدثنا عن الخيانة العربية في مقال سابق مُعنون ب "إذا مات العرب تموت الخيانة" لم نقصد كسب التأييد ولا لأننا نجهل برجال ومواقف العرب الأشاوس في الأزمنة الماضية، نحن تكلمنا عن خيانة حُكام هذا الزمان وكيف أنهم وافقوا على بيع عرضهم وشعبهم ببخس ثمين، وما الإمارات وغيرها من الدُول إلا دليل على عجزنا في حل قضايانا دون تدخل الآخر ومُساعدته، فالتطبيع خيانة وعار وجب القضاء عليهما بإجتثات وقلع كل من يتسبب فيهما، ففي رأي فقد آن الآوان لإعادة التفكير في كل المُبادرات والتطبيعات السابقة وحتى اللاحقة، وعدم التهاون مع أحد حتى لا يشم رائحة الضعف والإنكسار، فكل الاتفاقيات السابقة كانت مُجرد مضيعة للوقت لنا وفُرصة لهم لإستعادة الأنفاس والتفكير بشيء جديد، فبئس الخُطوة التي قُمت بها يا إمارات ولعن الله التطبيع والمُطبعين والسلام عليكم.
شوهد المقال 344 مرة
التعليقات (0 تعليقات سابقة):
أضف تعليقك