عثمان لحياني ـ العفة والدبلوماسية
بواسطة 2020-06-06 02:01:13

عثمان لحياني
بمناسبة تطورات المشهد الليبي،لا يوجد ما يدفع للتعبير عن السعادة باقتتال الليبيين بأيديهم ،وخوضهم حربا بالوكالة لصالح غيرهم على أرضهم ،تمهيدا لنقل مظاهر نفس الحرب الى تونس.
لكن ثمة ملاحظة في علاقة بالدور الجزائري ، التعفف والخطاب الأخلاقوي في الدبلوماسية الجزائرية يحتاج الى مراجعة ضمن جملة المراجعات ، الرئيس عبد المجيد تبون قال أدخلنا الى ليبيا الدواء وهذا أمر طيب ولم ندخل رصاصة واحدة .
الدواء وحده يصلح في حالة معاضدة النازحين من شمال مالي واللاجئين الصحراويين ، لكن عندما يكون شعب جار وشقيق يقصف ظلما من فئة باغية وعدوانا من دول هدامة، وتهد بنيته التحتية ، فاما أن تملك قوة الردع المادي أو الضغط الكافي المتعدد الأساليب لتوقف العدوان ، أو تؤته بمشروعية بما يدافع به عن نفسه بشكل مشروع أيضا ، لأن "البراسيتامول" لا معنى لها في هذه الحالة .
قبله وزير الخارجية الجزائري قال أن طرابلس خط أحمر ، مع أن حفتر كان وبالكاد قريبا سيصل الى الساحة الخضراء ، وبما يعني وصوله -لولا - في الغرب الليبي من تمركز لمشروع يجعل من الجزائر وتونس هدفه التالي .
في مالي اجتاحت المجموعات المسلحة مدن الشمال عام 2012 ، بما تمثله هذه المدن من مجال حيوي للأمن القومي الجزائري ، لكن الدبلوماسية المتعففة كانت فقيرة الى الفاعلية الى أن استقوت الحكومة المركزية في بماكو بالقوات الفرنسية التي تسيطر على المنطقة حتى الآن ، وحتى أمس كانت الطائرات الفرنسية تقصف منطقة تلهندك (18كيلو متر عن تيمياوين الجزائرية) .
على سبيل المقارنة ،يذكر الرئيس الموريتاني مختار ولد دادة في مذكراته(منشورة في الخبر بتاريخ29 ابريل 2016) انه اتفق سرا مع الرئيس بومدين رحمهما الله على وضع قوات كافية من الجيش الجزائري على أهبة الاستعداد في تندوف وتنصيب غرفة عمليات يتواجد بها بومدين نفسه في28 نوفمبر 1974 ، عشية اعلان موريتانيا تأميم مناجم الحديد والشركة التي تديرها "مفيرما" التي كانت تملكها فرنسا، وفي حال ردّ الفرنسيون عسكريا يكون الجيش الجزائري مستعدا لةلتدخل والدفاع عن موريتانيا.
كتب الدكتور محي الدين عميمور قبل فترة "لو كان الزمن زمن لحدث لحفتر ما حدث لتشامبي"، وتشامبي هذا عميل كونغولي لقوى الاستعمار تورط في قتل الثوري الافريقي باتريس لومومبا ، اقتيدت طائرة تشومبي عام 1966 الى الجزائر حيث قضى حياته تحت الاقامة الجبرية .
في المحصلة ، كل دبلوماسية لا تكون أدواتها الناجزة( ليس العسكرية فقط)،جاهزة معها في نفس الوقت ، تصبح مثل الفنان الذي يتخيل اللوحة دون أن تكون معه أدوات رسمها.

شوهد المقال 482 مرة
التعليقات (0 تعليقات سابقة):
أضف تعليقك