مرتضى كزاز ـ المقتدائيون بالتبني أخطر على العراق من المقتدائيين
بواسطة 2020-02-04 02:01:05

مرتضى كزاز
تلك الفئة التي بكت لفراق مليشيات مقتدى وانتحبتْ وناشدت ثم تصنعت المفاجأة!، وضعتْ يدها على فمها وهمستْ بغنج ودلال: «أوه إنهم يحملون العصي ويمنعون التصوير!، أوه إنهم يضربوننا!».
الاحترام لا يجتمع مع الخوف، هذه حقيقة سايكلوجية، لا يمكنك أن تحترم المخيف وأنت ترتجف منه، الرعب والمحبة ضرتان، والأسهل للنفس البشرية المنافقة هي أن تحوّل الخوف إلى احترام، تدخله في معصرة الكرامة والرجولة فيخرج على إنه نوع من التوازن والاعتدال والمهنيّة الصحافية!، فترى المقتدائي بالتبني لا يكفُّ عن صياغة مفردات متوازنة وايجابية بحق «راعي الثورة» ويلتمس له العذر، وهذه خصلة قديمة، نحب الطاغي لأنه مرهوب الجناب وليس لأننا نحبه فعلاً.
سألوا زرياب المغني ذات مرّة لماذا تغني للسلطان، فتعذّر أنه مجبر ، فقالوا له : أجبروك على الغناء فهل أجبروك على تجويده؟.
لكنه مغنٍ مبدع، والابداع قد لا يؤمن بالانصاف ونبل الأخلاق.
لا نكتفي بمديح المصلح المقدس وتوليف النظريات والأفكار الجاهزة له، بل؛ ولأننا ضعفاء لا نقوى على نقده، نستبسل ونتشجع لنقد صاحبنا الضعيف، غير المسلَّح، الأعزل، الذي يقف وحده ضد أمريكا وإيران ومقتدى، وكم لذيذ إن نحك خصية الحقارة في رؤوسنا، ونمارس متعة تقريع المسالم، كم يشعرنا ذلك بالراحة حينما نعنّف الضعيف ونبطش به ونتغاضى عن المسلّح المليشياوي لأننا نحترمه، «نحترمه» يعني نخاف منه، نحترمه تلفظ هكذا في لغة الابناء بالتبني، وتعني نخاف منه .
المقتدائي بالتبني ذاتٌ إشكالية، يكره نفسه ولا يراها ولا يقرأ تاريخ شعبه وأمته ولايعرف حجم مقتدى الحقيقي في الشارع والصندوق، ولا يريد أن يتصور بأن مقتدى أقلية متوحشة، تغلبُ لأنها «ما عدها جبيل» ولا تحكمها القواعد «العقلية السماويّة!» مثلما تحكمها غرائز الأنانية والعنصرية والسلوك الإجرامي المتأصل والسلاح والمال الطائل .
المقتدائي بالتبني، يرى أن هذه الجموع الحاشدة التي تهتف ضد والده بالتبني لها عداوات شخصية، وهذا صحيح لا شك ولا شُبهة فيه، لأن الوطن مسألة شخصية حميمة، جرب أن تلفظ اسم وطنك وتردده للحظة وراقب خفقان قلبك و حرارة جلدك.
المقتدائي بالتبني، يكره خلّانه حملة الكُتب ويحتقرهم ويحسدهم، لأنه يعيشُ في مناخ شعبوي متعود على النيل من المتعلمين والتنكيل بهم، يعيش في دربونة مقتدائية تُدين بالمقتدائية، والمقتدائية حركة دينية متطرفة غير معنيّة كثيراً بالعبادات والمسائل الروحية قدر عنايتها بالتجمهر والسيطرة الثقافية، جماعة أس الانتماء فيها هو عقدة الذنب.
تنجح التيارات المذهبية التي تقلل من شروط الانتماء إليها وتصبح مثل بنك إئتمان لا يشترط أن تودع فيه رصيداً كبيراً، فترحب بالخاطئين والسوقة والمجرمين الذين تنبذهم المؤسسة الدينية الرسمية وتمنحهم كوبون الانتماء السريع، فيستعيد التائب العاصي كرامته أمام المؤمن الدارس«التعبان على نفسه»، ويحرق المقتدائي المراحل ويصبح وعنق المسدس يتدلى من خاصرته من أهل الشأن ويرمم كبرياءه المهشّم أمام المؤمن والطالب وأصحاب المهن النظيفة، هكذا جمع مقتدى زبانيته.
وهكذا جمع ابناءه بالتبني، مع إضافات قليلة تتعلق بتشوهاتهم النفسية واندحار كرامتهم وفقر حالهم.
ثم يقول لك وبالطريقة نفسها:«أوه لكن هذا تخوين!».
يقول لك وقد دهن نفسه بزبد السيد وداف نفسه في نهش منتقديه، يقول لك بعد أن ألقى نفسه «مكتوفاً في البحر» ويطلب منك إن لا تسميه «مبتلّاً» غريقاً!.

شوهد المقال 540 مرة
التعليقات (0 تعليقات سابقة):
أضف تعليقك