حارث حسن - العراق بين جماعة أمريكا وجماعة ايران
بواسطة 2015-08-12 00:35:04

د.حارث حسن
طبعا "جماعة أمريكا" حاولوا منذ البداية الإيحاء بان الاحتجاجات كانت تستهدف تقوية نفوذ القوى المرتبطة بالتيار الثوري الإيراني وحصل لديهم خلط بين محاولة بعض هذه القوى ركوب الموجة وبين محرضات الحركة الاحتجاجية.
اما " جماعة ايران" وكما يوضح التقرير المنشور اليوم في جريدة الأخبار المقربة من حزب الله فهم يلمحون ان ما حصل هو من فعل " ناشطين دربهم الأمريكيون" وان الغاية الانتقام من الأحزاب الاسلامية التي دفعت الأمريكيين الى الانسحاب من العراق.
اعتقد اننا سنسمع الكثير من هذه القصص في المرحلة القادمة وبعد ان تنتهي موجة ركوب الموجة وتبدا الجماعتان بمحاولة صناعة خطاب اكثر تماسكا وتبدا مرحلة الهجوم المضاد.
لكن باختصار فان موقفي "جماعة أمريكا" و"جماعة ايران" مازال غير حاسم بل ومرتبك، وقليل من الناس مقتنعون بالقصص التي تسربها الجماعتان لأنهم - الناس- يرون بل ويسهمون الى حد كبير في التأثير على المشهد السياسي لأول مرة منذ ولادة النظام السياسي الحالي بتوافق الحد الأدنى بين الولايات المتحدة وإيران.
برأيي ان ماحصل يناقض تماما التصور الامريكي حول العراق وهو تصور قائم على المعادلة التوافقية (شيعة، سنة، كرد) والامريكيون نادرا ما يتفهمون إمكانية ان يتصرف العراقيون او جزء منهم كمواطنين وليس مجرد شيعة وسنة وكرد، ولذلك فان الإيحاء بان ماجرى مدعوم أمريكيا وان هناك " اجندة خفية" للانتقام من الأحزاب الاسلامية التي دفعت أمريكا للانسحاب من العراق هو إيحاء غريب ( وبصراحة اكبر، سخيف). وبالمقابل فان الاحتجاجات ونتائجها مازالت تجري بغير مايميل اليه الإيرانيون - وتحديدا التيار الثوري الإيراني الذي يبشر بتعاظم سيطرة القوى الشيعية المرتبطة به.
حتى الان، لا الأمريكيون ولا الايرانيون ربحوا شيئا مما حصل، بل ان الطرفين لا يفهمان ماحصل لانه لاينسجم مع الفهم المختزل لكليهما حول ما تجب ان تكون عليه الأوضاع في العراق. وبنفس الوقت، فان الطرفين لم يخسرا الكثير بعد والاحتجاجات لم تصطدم مباشرة بمصالح اي منهما ، وإصلاحات العبادي لم تحدث حتى الان خللا في توازنات نظام المحاصصة وفي التوازن الذي أرسته الهدنة الامريكية-الإيرانية في العراق.
الاحتجاجات خلقت قوة جديدة لكن هذه القوة بحاجة الى ان تتعرف على نفسها اكثر وتفهم ماتريد والى أين ستمضي، وإلا فإنها لن تصمد طويلا امام قدرة التوازنات القائمة على صياغة الهجوم المضاد.
https://www.facebook.com/harith.alqarawee

شوهد المقال 1009 مرة
التعليقات (0 تعليقات سابقة):
أضف تعليقك