أحمد سعداوي - ومتى نلنا الحرية يا أصدقائي؟!
بواسطة 2015-08-09 02:31:40

أحمد سعداوي
عن نفسي؛ كنت أخاف من الرفيق الحزبي جارنا. أخاف من نقاط السيطرة العائدة للانضباط العسكري، أخاف من أي شخص لا أعرفه يجلس في المقهى جامد الملامح ينظر يميناً وشمالاً ولا ينشغل بشؤونه الخاصة.
أخاف من شخص ما يتأول كلامي ويعتبره ضد السلطة. خفت حين قرأت مقالة محمود الورداني [المصري] عن كتابي "رأسي" وتحدث عن قطع الرؤوس والعراق تحت حكم صدام. خفت أن يأتي رفاق صدام ليأخذوني معهم الى الرضوانية. خفت من "البُطُل" الذي كانت تدور حوله اساطير وحكايات مسلية!
وبعدها.. صرت أخاف من المدرعات الاميركية التي تقطع الشارع فجأة ويوجه الجندي الرابض في الاعلى سبطانة بندقيته نحوي، آمراً أياي بالعودة.
ـ أنا صحفي يمعود.. أريد اروح لشغلي.
ـ اشـ ـــــطح.
صرت أخاف من إبن جاري المليشاوي، لأنه شاهد بيدي جهاز موبايل، وكل من لديه موبايل عميل للاميركان.
صرت أخاف من المفخخات المجهولة، ومن سائقي التكسي الذين يشغلون في المسجلة ما يشبه المدائح النبوية مع ضرب الدفوف، ثم بعد امعان اكتشفت انها تسجيلات تمجد المقاومة.
صرت أخاف الدخول الى المناطق السنية، لأن بطاقة هويتي تقول أنا من مدينة الصدر.
وصرت أخاف الحركة في المناطق الشيعية، لأني لست من المطبلين ولا المهوّسين. ولست من الجماعة "أ" ولا من الجماعة "ب" لهذا انا بدون ظهر بين ظهراني أهلي.
ثم صرت أخاف من السيطرات، بسبب تشابه أسمي مع أسماء مطلوبين بتهم إرهابية. أقف لساعة كاملة تحت رحمة مزاج عسكري قد لا يرتاح لتسريحة شعري، او لا تعجبه ملابسي. يصلبني في تحقيق لا معنى له فقط لكي يشعر بالسلطة.
صار الخوف أليفاً، وما عدت أشعر به. صار كريات دم في شراييني.
كل ما أوردته أعلاه مر به الملايين من ابناء هذا الوطن، مع اختلاف التفاصيل.
متى نلنا الحرية يا اصدقائي. أين هي الحرية؟ أين هو هذا الوطن الذي يقول عنه نجيب محفوظ: هو المكان الذي تتوقف فيه عن الهرب.
شوهد المقال 1011 مرة
التعليقات (0 تعليقات سابقة):
أضف تعليقك