طيبي غماري ـ الانسان الجزائري وفعل الخير.
بواسطة 2021-07-31 01:17:23

د. طيبي غماري
في كل مرة يثبت الإنسان الجزائري انه انسان فيه الخير، ولديه حس تضامني خرافي، قل ما تجده في مجتمعات أخرى، ويتضاعف هذا الحس التضامني، حتى يقارب التبذير، عندما يستثار هذا الإنسان، ويدعى إلى المنافسة، والمقارنة مع ما قدمه غيره من الخير، هنا يصبح التنافس على الخير مقدما على الخير نفسه، وهذا ما يحول هذا الحس التضامني في الكثير من الأحيان إلى حس تضامني فوضوي وغير منظم.
- فمنذ الاستقلال والى غاية الجائحة كان هذا الإنسان الخير يعتقد أن الخير يجوز في بناء المساجد وتزيينها وترميمها وفرشها، وإعادة فرشها والعناية بها، وقد كتبت منذ سنوات في هذا الموضوع، منبها إلى هذا الخلل، داعيا إلى محاولة تنظيم هذا الحس التضامني وتوجيهه إلى مجالات أخرى، لأن حياة الإنسان لا تحتاج إلى المسجد فقط، بل تحتاج إلى المدرسة، والمستشفى، والجامعة وغيرها من المرافق المهمة.
- اليوم مع جائحة كورونا يتأكد هذا الموقف، وتثبت صحته، إذ نلاحظ التغيير العفوي للحس التضامني نحو مولدات الاكسجين، وهو تغير محمود، لكنه بحاجة هو الآخر إلى التنظيم.
- فالمرضى لا يحتاجون إلى الأكسجين فقط، بل يحتاجون إلى أدوية والى ماء والى أسرة وأجهزة طبية، وحتى إلى الاكل، بل يحتاجون إلى أطباء وممرضين، يمكن تنظيم تطوعهم ومساعدتهم بمنح مالية محفزة.
-عندما تجمع منطقة ما ستة ملايير سنتيم، فهذا شيء عظيم، لكن يكون من الأجدى تنظيم توزيع هذا المبلغ على مختلف الاحتياجات وليس على الأكسجين فقطْ، فإذا كانت وحدة إنتاج أكسجين تكفي لمائة مريض، ويمكن تركيبها بمليار، وكان بالمستشفى خمسون مريضا، يمكن في أقصى الحدود تركيب وحدتين، وتوجيه المبلغ الباقي لعمليات أخرى مهمة واستعجالية.
- التنافس في الخير أمر محمود، حيث لاحظنا كيف أن الحمية والارتباط بالجهة والمنطقة دفع بالناس إلى تشكيل لجان لجمع التبرعات لشراء وحدات إنتاج الأكسجين، حتى في المناطق التي ليس فيها مستشفى، وهذا جميل، ولكن الاجمل، هو استغلال هذه الهبة التضامنية وتنظيمها، ففي مثل هذه المناطق يكون من الافيد شراء قارورات الأكسجين أو المولدات الفردية وتركها تحت تصرف جمعية خيرية تقوم بتدويرها على المرضى الذين يعالجون في بيوتهم، وما اكثرهم.
ان احسن رد فعل في هذا الوضع المتسم بارتفاع الحس التضامني الخيري، هو أن تفعل السلطة قانون الوقف وتعدله، وتحرره من قبضة الإدارة، وتترك الحرية للجمعيات الخيرية في إدارته، بشكل علمي ومنهجي وقانوني مفيد، فلو كانت لدينا مؤسسات وقفية منظمة وحرة وفاعلة، لكان هذا التضامن العفوي سندا مهما ومفيدا في عديد المجالات لجهد الدولة الذي نخره الفساد والمفسدون، ولكان فعل الخير فعلا مؤسسيا مستديما ومنظبطا بالضوابط القانونية والشرعية.
شوهد المقال 512 مرة
التعليقات (0 تعليقات سابقة):
أضف تعليقك