علاء الأديب ـ العلاقات الإنسانية بين الازلية و الوضعية
بواسطة 2020-09-19 02:50:19

علاء الأديب
على الرغم من كثرة العلاقات الإنسانية التي تربط الناس ببعضهم و على الرغم من تنوع الأواصر التي تتميز بها تلك العلاقات إلا أن التصنيف الأساس لتلك العلاقات لا يتجاوزصنفين رئيسيين : علاقات أزلية و علاقات وضعية.
فأما العلاقات الأزلية فهي العلاقات التي لا شأن للإنسان في خلقها و تحديدها رغم قدرته على تحديد عمق أواصرها الرابطة وفقا لمعطيات حياتية عديدة، أي أن العلاقات الأزلية هي تلك العلاقات التي حددها الله سبحانه و تعالى للإنسان دون إرادته أو تدخله كعلاقة الأولاد بأبويهم و علاقة الأبناء بوالديهم وعلاقة الأخ بالأخ و الأخ بالأخت و إلى غيره من تلك العلاقات.
أما العلاقات الوضعية فهي العلاقات التي يخلقها الإنسان لنفسه منتقيا فيها القرين و نوع الأواصر الرابطة بدءا من علاقة الزوج بزوجه و الصديق بصديقه و غير ذلك من العلاقات.
من هنا علينا أن ندرك بأن العلاقات الأزلية لا يمكن للإنسان، تحت أي ظرف من الظروف، أن ينهيها إلا بانتهاء طرفيها او أحدهما، و مع ذلك فلن تكون نهاية تلك العلاقات نهائية، فإن لها امتداداتها التي قد تتوغل إلى أبعد من عمر طرفيها بالتوارث.
فلا يمكن أن يتخلى الإنسان، تحت أي ظرف من الظروف، عن علاقته بأمه أو أبيه أو أخته او أخيه.
لكنه يتمكن من أن يتخلى عن شريكه أو صديقه إذا كان ذلك من مقتضيات الاستمرار و تحت ظل ظروف معينة.
و عليه فإن التخلي عن أية علاقة وضعية جائز في حال التفضيل مع أية علاقة أزلية فيما إذا كان للتخلي عنها مبرر منطقي للحفاظ على تلك العلاقة الأزلية و الإبقاء عليها.
إن لهذه الحقيقة شواهدها في مجتمعاتنا العربية وحتى في المجتمعات الغربية. و كثيرا ما نشهد أناسا يجبرون على التخلي عن علاقات وضعية للإبقاء على علاقات أزلية تحت وطأة ظروف قاسية لا يمكن للإنسان في غالب الأحيان أن يجد لها حلولا ناجعة تمكنه من الاحتفاظ بكليهما دون تأثر إحداهما بالأخرى.
و لو كنا قد أدركنا بالفعل بعد المسافة بين هذين النوعين من العلاقات على أساس معرفي، موضوعي و منطقي، لما استغرب أحد منا ما تؤول إليه العلاقات الوضعية التي يراها طرفاها و المحيطون بها في زمن ما علاقات قد تصل حدود التقديس من حيث مكانتها وعمقها. فمهما كان ذلك العمق و المعنى، فهناك ما هو أكثر عمقا و معنى. ذلك هو رباط الدم وصلة الرحم.
شوهد المقال 663 مرة
التعليقات (0 تعليقات سابقة):
أضف تعليقك