محلب فايزة ـ التحفيز الوحيد الذي تحتاجه، هو أنك لا تحتاج إلى تحفيز
بواسطة 2020-09-06 04:07:30

د. محلب فايزة *
حين طلب مني أن أكتب كلمة تحفيزية، فكّرت مليا... فالأمر أشبه بتقديم صعقات كهربائية خفيفة يحتاجها قلبك ليعاود النبض من جديد.
التحفيز في الواقع يأتي ليستفزّ الإنجاز، فهو دفعة صغيرة يُفترض بها أن تأتي في الوقت والمكان المناسبين لتشغّل محرّكات الإنجاز والتقدّم لديك. لكن في الغالب، المسؤول عن القيام بهذه الدفعة هو غير المناسب.
أنت في الواقع لا تحتاج لمن يقف أمامك ليسرد لك وقائع نجاحه، أو قصة انطلاقه ووصوله... إنها له ! في واقع الأمر؛ كل ما قيل ويقال بصدد التحفيز، أنت تعرفه. أنت تعرف أنك مخلوق عظيم، وأنك خليفة الله في الأرض، وأن كلّ شيء مسخر لراحتك... أنت تعلم بشكل تام أنك تملك من الوقت والعقل و(الفرص) ما يملكه أغنى غني، وأعلم عالم، وأسعد سعيد...
التحفيز الخارجي بالقصص والنصائح (بالنسبة لي) يعطي إحساسا وهميا بالإنجاز فقط. والإنجاز هو أعلى قمة في هرم الحاجات الإنسانية (لماسلو)، فهو يأتي بعد الحاجة إلى التقدير !
وفي الغالب؛ عند تحقيق الإنجاز والإحساس به، فإن النفس تهدأ، والعقل يطلب شيئا من الراحة كمكافأة له. وهذا ما يحققه التحفيز الخارجي بالنسبة لمعظم الناس.
فبمجرد سماع، مشاهدة، حضور... مؤثرات خارجية تحفّزك؛ فإنك تنشّط الإحساس بالإنجاز لديك، فتشعر بالسعادة والأمل... ثم إن كنت ممن يرتاح عقِب إنجازه، فإنك تخلد للراحة ! وفي حقيقة الأمر؛ أنت ترتاح دون تحقيق إنجاز حقيقي ! وهذا ما يعرقل تقدّمك وإنجازك. إن التحفيز الخارجي يخلق إحساسا وهميا بالإنجاز لديك.
التحفيز الخارجي (من وجهة نظري) يعيق الإنجاز ولا يدفعه، "إلا إذا توافق مع تحفيز داخلي". فالتحفيز الداخلي هو المحرك الحقيقي للإنجاز، وهو النبض في المثال السابق (القلب)، وفي الحقيقة أنت لا تحتاج تشغيله، إنما تحتاج إيجاده والحفاظ عليه !
لذلك؛ عندما يشتغل التحفيز الداخلي لديك (وهو في الواقع مشتغل في كل وقت إن لم تتجاهله)، فهو لا يتوقف. إنه يستلّ الإنجازات سلاَّ، وكأنها خيط ينتمي لكرة صوف لانهائية. إن التحفيز الذي ينبع منك؛ يجعلك عند الإنجاز تفرح، تمتلئ طاقة وبهجة ونشاطا، ترى فُرصً أكثر، تحقّق إنجازا آخر وآخر...
لذلك نرى أن من يدفع نفسه بنفسه يستمر، فنجد الثريّ أثرى، والعالم أعلم، والتقيّ أتقى... لماذا؟؟ لأن الإنجاز الحقيقي يحفزّ على الإنجاز من جديد.
"لا يفوتني أن أشير إلى أن التحفيز الخارجي بعد الإنجاز مهم جدّا ويحافظ على بقاء شعلة التحفيز الداخلي قائظة، فهو في الغالب عبارة عن مكافآت وتقدير عن إنجاز حقيقي قمتَ به فعلا، وتستحق الامتنان عليه. إنما المقارنة هنا بين التحفيز الذي يسبق الإنجاز وبالتالي يعرقل تحققه."
هل يوجد مفتاح لإشعال فتيل التحفيز الداخلي؟؟ في الغالب؛ الإجابة نعم ! إن المفتاح المناسب (حسب رأيي) هو البدء فورا. بشكل صغير ومستمر.
ابدأ في هذه اللحظة، ليس بعد قليل، ليس غدا... الآن أنسب وقت للبدء، وابدء بأقل خطوة ممكنة، يكفي أن تكون سنتيمترا في الكيلومتر، أو كلمة في كتاب، أو ابتسامة في صلح، أو دينارا في مشروع... أصغر وأبسط و"أتفه" خطوة ميسرة لك الآن هي في الواقع نقطة انطلاقك ! ولا تتوقف أبدا، فالمحرّك الداخلي ينبغي أن يبقى شغالا بالإنجاز مهما كان صغيرا (أو مهملا في نظرك الآن). إن الاستمرار بخطوات صغيرة نحو الأمام كفيل بأن ينقذ "هدفك".
* جامعة سطيف 1.
شوهد المقال 1106 مرة
التعليقات (2 تعليقات سابقة):
أضف تعليقك