علي مغازي ـ أنا بحاجة للأوكسجين ..ولاية بسكرة المأساة
بواسطة 2020-07-08 05:41:51

علي مغازي
بسبب فيروس كورونا مات محمد أنفيف وهو شيخ مسن، ثم مات ابنه أحمد (مهندس دولة) كان إطارا بالمعهد الفلاحي في مدينة صغيرة تسمى عين بن النوي ثم أصيب ـ بالفيروس اللعين ـ الابن الثاني واسمه الجموعي وهو شاعر وناشط في جمعية مهتمة بتدوين تاريخ الجزائر التي كانت ستحتفل بعيد الاستقلال وفي الوقت ذاته تنتظر وصول رفات شهدائها المنفية عظامهم في باريس.
تم نقل الجموعي إلى المستشفى، حيث يكافح جنود من قطاع الصحة لإنقاذ أرواح الناس من الموت في غياب أبسط الإمكانات. وكان واضحا أن الحكومة المركزية ماضية في تلميع صورتها أمام العالم، دون اهتمام حقيقي بما يحدث لـ"الجموعي" وآلاف من الناس يشبهونه، في المناطق البعيدة من الوطن وخاصة بسكرة المعنية بقصص الشهداء الذين ستستعاد جماجمهم في مشهد عظيم ومؤثر؛ لقد قاتلوا ـ قبل 170 سنة ـ على أرض واحة الزعاطشة بالقرب من بسكرة مدينة الجموعي، وفي الأخير قُطعت أعناهم وأرسلت إلى عاصمة المحتل للتشفي فيها...
وكان واضحا أيضا أن الإدارة المحلية، لا تفعل شيئا من أجل تجهيز مستشفيات المدينة حيث يرقد الجموعي الذي أطبق الفيروس على رئتيه.
اتصل به صديق ليطمئن عليه، قال له: "أنا بحاجة للأوكسجين..".
بحث هذا الصديق ـ في كل مكان ـ عن تلك الآلة التي كان يمكن أن تساعد الجموعي على مقاومة الفيروس... لكنْ... بلا فائدة.
في هذا الوقت كان شاب اسمه شرف الدين شكري، يطالب الحكومة بالتدخل لإنقاذ الجموعي والمئات من المرضى الآخرين... وهو أيضا حاول المساعدة للعثور عن آلة الأوكسجين التي قيل إنها لدى أحدهم في مدينة مجاورة وكان قد اتصل به صديق الجموعي ليطلبها منه. وقتها كان هذا الأحدهم يشاهد لحظة إقلاع الطائرة التي ستعود حاملة جماجم الشهداء.
ـ اصبر.. في الغد سأوفر لك الآلة..
ـ أنا أختنق..
ـ كن شجاعا واصبر يا الجموعي..
حطت الطائرة وظهرت توابيت الشهداء، وهلل لهم الناس فرحا بعودتهم بعد 170 عاما من المنفى... إلا رجل واحد كان سيهلل لكنه؛ مات... الجموعي كان شجاعا مثل الشهداء لكنه مات.
في الغد بكاه أطفال كان قد رعاهم وعلمهم الغناء من أجل الوطن، وبكاه طفل كبير اسمه شرف الدين شكري الذي استمر يناضل من أجل باقي المرضى ومنهم أخوان آخران للجموعي أصابهما وباء كورونا.
قالت بسكرة؛ "يا لهذا الابن الصالح!" وأشارت إلى شرف الدين فذهبت الشرطة إلى بيته واعتقلته.
تم دفن الشهداء
ودفن الجموعي
ونام شرف الدين ليلته الأولى في الحبس.
شوهد المقال 414 مرة
التعليقات (0 تعليقات سابقة):
أضف تعليقك