جباب محمد نور الدين ـ غمزة سميرة توفيق : تحولات السياسة والدين في الجزائر
بواسطة 2020-04-15 07:50:03

د. جباب محمد نور الدين
الصديق الأديب" علي مغازي" في إحدى طرائفه الجميلة، تحدى التليفزيون الجزائري إن كان ديمقراطيا حقا أن يعيد ويقدم لنا تلك الغمزة المشهورة للمطربة سميرة توفيق التي كان يتابعها المشاهد الجزائري في بداية كل حلقة من مسلسل من بطولتها اشتهر كثيرا في السبعينيات ، وإن لم تخن الذاكرة كان عنوان المسلسل" سمراء "
الصديق علي مغازي ، بهذه المزحة الجميلة والطريفة عن غمزة سميرة توفيق فتح شهية النقاش، لأن تلك الغمزة لم تكن فقط" حركة عين" صدرت عن فنانة ومطربة إنما كانت في تلك الفترة تفصح عن دلالات ثقافية ودينية وسياسية في فترة السبعينيات التي أثارات الكثير من الجدل داخل مقر التيليفيزون في فترة الثمانينيات لما أعادوا بث المسلسل للمرة الثانية
لقد أخبريني الصديق" الطاهر"، وكان مسئولا في التليفزيون في فترة الثمانينات وكان في قطاع البرمجة ، عن تلك المناقشات" العميقة" حول "غمزة " سميرة توفيق، بين من يريد حذف وقص الغمزة ومن يطالب بإبقائها كما هي، وفي الأخير بث المسلسل دون غمزة
بدون شك ينشأ سؤال : لماذا كانت الغمزة في السبعينيات وكان الناس يتعاملون معها بشكل عادي جدا ، بل كانت محببة ومرغوبة ومطلوبة جدا ، بينما أصبحت قضية وطالبوا بحذفها وقصها ومصادرتاها في الثمانينيات؟ الجواب عن السؤال يجب أن نبحث عنه في السياسة والدين
لا أزال أذكر ما قاله أحد الطلبة بعدما اختار العسكر الشاذلي بن جديد ليكون رئيسا للجزائر خلفا لبومدين ، وقتها كنا لا نزال طلبة في الجامعة، الطالب الذي كان أن متحمسا للراحل محمد الصالح يحياوي الذي التف حوله كل اليسار الجزائري بكل فصائله بخاصة الحزب الشيوعي الجزائري" الباكس" وكل القوى التقدمية و الوطنية التي كان ترى في الراحل محمد الصالح يحياوي استمرار للخط الثوري التقدمي التي أفصح عنه في كل خطبه لما كان مسئولا عن جبهة التحرير حيث كانت خطبه أكثر تقدما وثورية من خطب بومدين
الطالب قال بعدما جلبوا الشاذلي الذي لم يكن يتوقعه أحد ،قال الطالب" راهم جابولكم أنور سادات جزائري "
لقد انقلب الشاذلي على كل ارث بومدين وتوقفت كل مشاريع التنمية وخطط التصنيع و"دورها عمك الشاذلي" استهلاك وانتشر في الجزائر جميع أنواع "الكيوي والأفوكاتو" ومعها أجود أنواع الويسكي الاسكتلندي الرفيع و" الفوتكا" الروسية " الرافنيي "
لقد رافق هذا التحول ضرب كل القوى اليسارية والتقدمية التي وقفت ضد هذا الانحراف الكبير وضد اقتصاد البازار وزج بالكثير من رموزها في السجون بعدها بدأ التحالف مع الإسلاميين وفتح لهم جميع المجالات وجلب رموزهم من الخارج ، فكان يجب أن تصبح غمزة سميرة توفيق قضية وطالبوا بقصها لأنها أصبحت رمزا للمجون والفسق و الدعارة والانحلال الخلقي و الاعتداء على قيم الأمة
شوهد المقال 339 مرة
التعليقات (0 تعليقات سابقة):
أضف تعليقك