مثنى حميد مطلك ـ "امرأةٌ تحدّقُ في عين الشمس"
بواسطة 2021-04-08 02:06:55

مثنى حميد مطلك
"امرأةٌ تحدّقُ في عين الشمس" فتاةٌ في ريعان الصبا تدكُّ بقدميها الأرضَ فترتعشُ السنابلُ ، قدماها العاريتان تغفوان في الطين الأحمر تاركةً بصمة لاتزيلها أمطار وعواصف شباط . لاترتجفُ من بردٍ ولاتهاب شمس تموز الحارقة ، تحدّقُ متحدّيةً عينَ الشمس بنظرةِ ثائرةٍ وتلتقط الخبز من تنور جدتها السمراء التي مافارقت الحقل أبداً. ترددُ مع التلاميذ في الإبتدائية أغاني الثورة و"حب الوطن فرض عليَّ" لعبدالوهاب ثم تمضي مع الثوّار للإطاحة بالحكم اليساري عام ١٩٦٣ وتطأُ بقدميها صورة الرئيس ولا تهاب الرصاص . كم من القصائد كتبت في الوطن وكم دافعت عن العدل والحرية والكرامة ، وتعلمتْ من أبيها الموظف الحكومي وخطيب الجامع في نفس الوقت نهج البلاغة وسارت معه وبعده على طريق الحق لاتخشى لومة لائم . الأصوات الخشنة المسيطرة حينها لم تستطع قمع صوتها الناعم الرصين ، لم تغطِّ شعرها مسايرةً لأحدٍ كأقرانها ، يشدّهُ الغارُ وتجمّلهُ ضفيرة الكرامة. من رحم المعاناة تولّدَ إبداعها وصار يكبرُ معها ، لم تقف صامتةً عندما امتدّت إليها أصوات نشاز ، أصوات المندسين مطلقين ترّهاتهم وأكاذيبهم فكانت تدندنُ بأغنية فيروز "نسّمْ علينا الهوى " ،خاطبت مسؤولاً كبيراً ساخرَةً " سأطلبُ اللجوء الى أعدائي لأنهم أشرفُ منكمْ" ولم يتسلّل الخوف الى داخلها رغم أن العيون التي أحاطت بالمشهد كانت خائفةً وترتجفْ وكان الله العدلُ في قلبها حاضراً على الدوام . أجابت على كل تساؤلاتي بخصوص العدل المضيّع بين الواقع وميزان العدالة المرسوم على حيطان قاعات الحكم في دار العدالة في المبنى القديم حيث كنتُ ارافقها الى هناك. علّمتني الكتابة ومعنى أن تكون حرّاً حين تكتُبْ ومن "علّمني حرفاً صرتُ له عبداً "صبرت كثيراً وانتصرت لإيمانهاوإنسانيّتها وقيم العدالة ، وزادتها المحنُ صلابةً وحيويّةً وقوة حتى غدت المرأةُ التي تحدّقُ في عين الشمسِ .. إنها زاهدة العسافي ... أمّي
شوهد المقال 146 مرة
التعليقات (0 تعليقات سابقة):
أضف تعليقك