ياسر أغا - نحو نموذَجْ ألْسُني -وظيفي- لقراءةِ نصوص أدبيّة
بواسطة 2015-09-18 22:15:32

ياسر أغا
يسعى هذا المقال إلى اضافة رؤية نقدية جديدة في حقل الابستيمي اللساني لقراءة نصوص أدبية .
كثيرةٌ هي النّصوص الأدبيّة الجميلةُ عِنْد قراءتك لها ، تجعلك كالصوفيّ تتأمل في كيْنونتها إذْ تعتريك لحظاتُ الكَشْف دونما اختيار أو كسْب ، تمارس مِن خلالها نمطاً مِن المغامرةِ ، فتُغريكَ عَن خَيْطٍ ما يربِطُ نسيجها و هُوَ ما يدفعك إلى مزيدٍ مِنَ التأمّل في كلّ مقطعٍ منها سعياً للوصولِ إلى ذلك المعنى الكلّي الّذي يوحّد أطرافها ، و ما مِن شكٍ في أنّ المعنى الّذي يعبّر عنه النّص يعدّ أهمّ الحوافز الّتي يتحرّك مِن خلالها القارئ و هُو يقاربُ النّصوص ، إذ يعدّ عنصراً مهمّا في تحقيق التّفاعل بيْنَ طرَفيْ عمليّة القراءة .
و على ضوء هذه الرّؤية فإنّ نصوصاً معيّنة تكونُ أكثر قدرةٍ مِن غيْرِها على حفز القرّاء لمقاربتها ، و إيماناً مِنّا على أنّ اللّسانيات قد حقّقت إنجازات نظرية و إبستيمولوجيّة مهمّة سواءً على مستوى المنهج و الرّؤية ، أو على مُسْتوى تقنيّات و إجراءات التّحليل ، و بفضل هذا الإنجاز العِلْمي تحوّلت إلى نموذج تمثيلي تتطلّع العلوم الإنْسانيّة الأخرى إلى الاحتذاء بِه ، فيمكنُ القول إنّ مِن هذه الإنجازات ما بذلتْهُ نظرية النّحو الوظيفي كما صاغها "سيمون دِكْ " و الّتي أرسى دعائمها اللّسانيّ المغربيّ ؛ الدكتور أحمد المتوكّل ، و ما بذلته العشيرةُ اللّغوية الألسُنية الّتي يُشرف عليْها ، حيثُ حقّقت جهوداً رائعة يُحسبُ في حقّ عملِهم النّبيل ، فقد توافرَت كلّ المُيسّرات لهذه النّظريّة كيْ تتوحّد هدفاً و موضوعاً و مقاربةً ، كما قد أمْلى منطق النّضج النظري و استلزاماته أن تنفتِحَ هذه النّظريّة على أنْماطٍ أخرى تكونُ فيها اللّغة البشريّة حاضرِةً حضوراً مركزِياً، لتحليل النّصوص بمختلف أنماطِها، و ذلك سبيلٌ للأخذ بالنّص المُستهدف [ الخطابُ الأدبي بأجناسه المختلفة] نحو منهج إجرائي قابل للقراءةِ على نَسَقٍ نقديّ مُغاير متفرّد في التحليل ، و مِنَ المعلوم أنّ مجال الخطاب كانَ و ما يزالُ موضِعاً لدراساتٍ عديدة و متباينةِ المشارِب مِنها ما لساني و منها ما هو سيميائي و مِنها ما هو أدبي ، لذلك نسارعُ إلى القوْل بأنّ الهدف مِن هذا النموذج الإجرائي الّذي يسعى نحو استراتيجية قرائية لصناعة المعنى بتأويلاتٍ نصيّة يمكن الاشتغالُ به لفهم النّصوص و الخطابات و تفهيمها ، إنّما هوُ هدفٌ يرومُ إلى تمحيص أطروحة " سيمون دِكْ" القائمة على فكرة أنّ بِنْيَة النّص تشاكلُ إلى حدٍ بعيد بِنْيَة الجملة مِن حيثُ العلاقة الكائنة بينهما في مستوى التماثل ، حيثُ تقتضي المقاربة الوظيفية للنصوص الأدبية إذا تمت مقاربتها في إطار خطابٍ متكامل حزمةً مِن القضايا المركزيّة على سبيلِ المثال لا الحَصر: كالاستلزام و الالتباسِ بجميعِ أنماطِه و إسناد الوظائف التداولية كالمحور و البؤرة و رتبة المكوّنات و تخصيص السّمات و غيرُ ذلك مِن أدوات التحليل الوظيفي لبنية النص أو الخطاب الأدبي ، ممّا يجعل الغايةَ المرجُوَة تستكمِلُ أوضاعها في مدى إمكانِ منهجٍ وظيفي يكفل برصد و تفسير ظواهرَ نصيّة يفي بتحقيق هَدَفيْنِ أساسِيْن اثنين : أوّلا، استكشافُ ما يوحّد بين بنيةِ الكلمة و بنية المركب و بنية النص و بنية الجملة ، ثانيا: الاقتصارُ على نفس المبادئ و الإواليات في وصف بنيّة كلّ من هذه المستويات الأربعة. و هذا ما نروم للعمل مِن أجله لعلّها تكون دفعة جديدة بنمط آخر مغاير يساير مستويات النصوص المكتوبة للظّفر بها إلى مستويات أرقى ، نحو نموذج جدير لأن يكون في مصاف المناهج النقدية في حلّة ألسنية تتّسم بنوعية آيلةٍ نحو استثمار مقولات لسانية على خطاباتٍ أدبية متنوّعة تسعى إلى رؤية النّص على أنه نتاج شبكةٍ مفتوحة ، هي لا نهائية اللّغة نفسها ، المبنية دون حدود.
شوهد المقال 1972 مرة
التعليقات (0 تعليقات سابقة):
أضف تعليقك