جعفر يعقوب - البناء العاشق -٥٠-
بواسطة 2015-05-28 02:02:19

جعفر يعقوب
على ساحل المعامير تفعم طيور النورس حيوية المكان، وربما تحوّلت أيقونة لذكريات تحضر كلما ارتدنا هذا الشاطئ الذي تجاور مياهه أبواب البيوت، خاصة حين يزحف مدّ البحر، وبالأخص " ماية أم هلال" التي تغرق الديرة بمياهها، وزبد البحر يشكّل منظرا ممتعًا يشدّ إليه الأطفال الذين يمرحون في مياه البحر.
أخذ جاسم قليلا من ذلك الزبد بيده يتلهى به، وهو يرمي بطرف عيونه للبحر متناغمًا مع غناء النوارس التي جذبها المدّ ووفرة الأسماك الصغيرة على الساحل.
- ياهلا بالنسيب.
التفت هو صديقه القديم وزوج صفيّة جلال نفسه.
- يا مرحبا جلال.
- تحنّ للبحر، كأنه صديق وفيّ لك.
- البحر صديق كل الناس، يا جلال.
- صحيح، لكن البحر لبعض الناس علاقة خاصة، فيها كلام وعتاب هههههه
- ويش تقصد يا جلال ؟ كلّ الناس تجلس على الساحل!
- أنا من صغري عشت وياك ولعبت معاك وأفهمك زين .. بس انت يا جاسم ما تتغير.. هذا انت ما تغيرت.. من يضايقك شي أعرف وين أشوفك .. عند البحر.. من احنا اصغار يا جاسم.
- بتقول ويش فيني، ومشكلتي وتحلل شخصيتي من جلستي على البحر.. لأنك تحب تتفلسف، من كنت صغير.
يضحك جلال، ويرد عليه.
- يا صديقي انت كتاب مفتوح ما يحتاج واحد يتعب نفسه معك، وأوراقك معروف ويش مكتوب فيها.
- خبرني يمكن يا فرويد منك نستفيد.
- يا جاسم ما يحتاج أخبرك وانت تدري بهمَك.
- همّي؟
- ايه، انت صدقت كبرت يا صديقي، وتوظفت وسافرت لكن بعدك ما شفت روحك، ولا وصّلت إلى طموحك.
جاسم يصيخ إلى صوت جلال الذي بدأ يخترقه، ويتناغم مع ما بداخله..
- يا جاسم، انت رغم وظيفتك بحاجه الى استقرار.. من حياة المرحومه حميدة وانت ورقه ضايعه في الهوا، تلعب بها الريح، الآن شوف طريقك، إلى متى بتظل امشتت، الناس تمشي الى قدام، حتى اتعيش مره وحده، العمر يمشي مثل القطار ما يوقف إلا في المحطه، لكن انت بس اللي واقف في مكانك! إلى متى يا جاسم.
فهم جاسم الرسالة واضحة، ونظراته لصديقه القديم بدت أكثر وثوقا به، فلم يتمالك نفسه من معانقته، وكأن استعاد شيئا مفقودا، أو ضلّ عنه مدّة من حياته.
تبادلا ابتسامة دافئة، ربت جلال على كتف صديقه، ومشيا على الساحل، ويدهما تمسكان ببعض.
دخل الملازم جاسم نصيف، ووضع نتائج مطابقة البصمات بين يدي المقدم فريد غازي.
نظر إليها بدهشة:
- البصمات غير مطابقة.
أخذ ورقة نتائج البصمات، واتجه لمكتب المقدّم ..
- السلام، سيدي.
- وعليكم السلام. وش الجديد في القضية.
- للأسف، بصمات راشد غير مطابقة للبصمات الموجودة على الصندوق والمطرقه.
- هذا يعني أن الفاعل مو راشد، لكن راشد هو من سهّل وساعد في السرقة، واللي كسر الصندوق شخص آخر متعاون مع راشد.
- الظاهر أن السارق من فرحته بالفلوس نسى المطرقه والإزميل وطلع بسرعه.
- أحسنت، هذا هو التفسير المنطقي.
- يعني علينا نراقب تحركات راشد.
- أشكرك، لأنه لازم بيتواصل مع شريكه. لذا اصدر أوامر المراقبة من الآن، ولكن كونوا على حذر حتى ما تنكشف الخطه.
خيوط الجريمه الآن أصبحت واضحه تمامًا.
- حاضر، سيدي.
شوهد المقال 1215 مرة
التعليقات (0 تعليقات سابقة):
أضف تعليقك