جعفر يعقوب - البناء العاشق -٣٩-
بواسطة 2015-05-12 23:18:46

جعفر يعقوب
استويا معا على كنبة متواضعة..
- وين راشد ؟ ما شفته اليوم .
- ما حضر اليوم.. يا حاج بقول لك شيئ بس خايف تنزعج .
- أنزعج ؟ افه .. الظاهر يا شاكر ما عرفت معزتك عندي .. قول يا ولدي اللي في خاطرك . انا أعرف اخلاصك للوكاله وتعبك معانا.
- بصراحه حاج .. هذا اللي امشجعني اتكلم معاك وانت بمقام الوالد الله يرحمه، وأفضالك عليي ما أنساها،، ومصلحة الشركه ومستقبلها هي غايتي.
- تفضل قول وخل عنك المقدمات.
- راشد يا حاج متغير وايد من مده .. حضوره للوكاله ومتابعه العمل فيها قليل .. مو مثل الأول ..
- يعني قصدك يحضر إذا أنا موجود؟
- نعم .. أووو
- وبعد ..
- يا حاج ميزانية الوكاله انخفضت واجد والسبب راشد..
- راشد؟ اشلون .
- راشد يسحب مبالغ كبيره من الصندوق، والله أعلم وين يصرفها.
وبلهجة حادة منزعجة:
- مبالغ كبيره ولا تخبرني.
- في البدايه حسبت انه بعلمك، لكن شكيت بعدين .. لأنك ما تسألني عن فواتير الصرف عن هالمبالغ اللي يصرفها راشد، لذلك خبرتك لأن الميزانيه تنصرف منها مبالغ كبيره والمدخول أقل ، وهذا يسبب العجز في الميزانيه، وهذا بيسبب مشكله في تسديد الديون للتجار في المستقبل وربما إفلاس الوكاله.
- من الآن يا شاكر لا تدفع لأحد مبلغ بدون توقيعي ولو كان مين..
وإذا جاء راشد خبره انا أريده ضروري، أشوف معاه هالورطه .
استشاط الحاج حسن غضبًا من تصرف ابنه راشد، بل كانت سَوْرة غضبه وثورته بحجم الخطر الذي أدركه، فوقف هذا النزيف ووضع حدّ له، وتعويضه هو ما يشغل الحاج حسن، كما هو إحساسه بأن وراء هذا الغيّ جنوح ربما يكون أدهى.
طلب الحاج حسن كأسًا من الماء، واخذ كبسولة من دوائه لخفض ارتفاع ضغطه، بينما خرج شاكر يجرّ وراءه ذيل محنة عظيمة.
- ما وصل راشد؟
- لا .. يا حاج.
- انا رايح المسجد الآن .. يصير خير.
بمسجد الفاضل صلى الظهرين واتجه لبيته.
- يا ام راشد .. وينك ؟
- اهني .. لحظه .
- وين راشد ؟ ما جاء الوكاله اليوم.
- للآن نايم ! يقول تعبان .
- نادي لي فاطمه.
- فاطمه راحت بيت أبوها من ثلاثة أيام، وللان ما رجعت .
- ويش فيها ؟
- هو راشد طلب منها تروح.
- والسبب؟
- ما أدري .. هو طلب منها تروح..
- هذا الولد متى بيعقل ويصير رجال أعتمد عليه؟؟
تصرفاته غلط في غلط.
قالها بانفعال واتجه لغرفة النوم لتغيير ملابسه.
تناول الحاج غذاءه مع عائلة تجمعهم سفرة واحدة، عدا كبير أولاده راشد الذي مازال غارقا في نومه حتى الظهيرة. وبرغم جوّ العائلة الذي يملأه الحاج بروح دافئه مع بناته وأولاده، إلاّ إنه لم يخفِ تذمره من نوم راشد حتى هذا الوقت.
هزّ فنجان القهوة، فهمت أم راشد الإشارة، بينما دخل راشد ومحياه بملامح يبدو عليه النصب والإعياء، ومزاج متعكر..
- هذا انت يا رجّال البيت.. توّك مستيقظ من نومك ؟ تارك شغلك ومقابل النوم؟ عشنا وشفنا.
- تعبان يا ابي.
- تعبان! ومن فارض عليك السهر برّه البيت وانت رجّال وراك زوجه ؟؟
لم يجد ما يرد به، فلاذ بصمته.
- وين فاطمه؟
- في بيت أبوها؟
- من متى ؟ وليش راحت؟
- اتزورهم .
- زياره في يوم أو يومين، هذا اليوم الثالث. عش رجب اتشوف العجب.. في رجّال يخلي مرته ثلاثة أيام في بيت أبوها؟
يقف راشد صامتا..
- انت مو صغير يا راشد. متى بتصير قدر المسئوليه؟
الصمت يخيّم، فقط هو صوت الحاج يزمجر غاضبًا..
- هالحرمه المسكينه فاطمه تراك مو عارف معدنها الطيب ولا قدرها، حسافه يا راشد، لا تظن اني مو شايف وما اسمع تصرفاتك الوقحه معاها.
انتبه لروحك زين، وإلا حشّيت رجلك من هالبيت!
كان راشد يقف كسعفة في مهب الريح، يرعد من غضبة أبيه، والعرق يتصبب منه، منكسًا رأسه..
- قل لي ويش سالفة المبالغ اللي تسحبها من صندوق الوكاله؟
- سداد ديون ؟
- ويش هالديون اللي تزيد عن ألف دينار؟
- ديون لرفقاني.
- أمبي أعرف ويش سالفة هالديون بالتفصيل..
خرس لسان راشد كالأكمه وعيا عن رد الجواب، فانتصب كتمثال حجري، والجميع في دهشة من الأمر الذي فاجأهم، فراحوا يتبادلون النظرات في مذهولين.
شوهد المقال 830 مرة
التعليقات (0 تعليقات سابقة):
أضف تعليقك