جعفر يعقوب - البناء العاشق -٣٨-
بواسطة 2015-05-11 22:47:56

جعفر يعقوب
كطائر يتحرر من قفصه، تدخل فاطمة بيت أبيها مثقلة بشجون، والشوق يغذّ بها إلى كنف أهلها، وليست هي الصدفة أن ترنو بنظرها لشجرة السدرة وهي على عتبات دارها، فتتفجر أحزانها بين ذراعي والدتها فاختة. برهة كانت كفيلة بأن تودع أوجاعها الساخنة في صدر أمها، وتشعر بمعاناتها مع زوجها.
تبادلت مع شجرة السدرة عتابًا لا يفهم لغته سواهما، ولا يسبر أغواره إلاّ من عاش في بئر الحبّ، فألفى قيمة الأشياء في ذكرياتها، في علاقتها مع المحبوب، حتى أبخس الأشياء لا تقدر بثمن حين تلامسها يد حبيبين، أو حين تصير رمزا لحب نقي يستذوق حلاوته الدراويش.
حب أحسّت بعذوبته وعذابه الأم التي دفعت ابنتها إلى زواج أدركت فيه سجنا لها واغتيالا لمشاعرها الجميلة.
حتى الحاج أحمد الهدار نفسه دمعت عينه - وإن كابر على إخفائها- حين روت فاطمة قصة سجنها الكبير في بيت راشد.
في ليلة ساهرة جمعته مع رفاق سهرة بالمنامة، كانت طاولة القمار تحصد من خزينة وكالة الأخشاب مبالغ طائلة. كان جويبر سعدون رفيقه يشجعه على مواصلة اللعب، ليعوّض ما خسره، وجنون الشهوة يغريه بربح وفير، فيسكر في اللعب بحماقة بلهاء، وهو يرى أمواله تذوب أمام عينيه شيئا فشيئا، حتى نفذت، ولم يبق منها مليما واحدا..
- اشرب رشود.
يمسك بجنون فيشرب كأسًا وراء آخر.
انفضت جلسة القمار، بعد أن اقتسموا الربح، وهو ذاهل عما يجري حوله.
ربت جويبر على كتف راشد.
- اقعد رشود اتأخرنا والجماعه راحوا ابيوتهم.
لكن راشد كان جثة هامدة، وبصعوبة وقف على صلبه، وهو يترنح من السكر..
- وين ؟ خلني أنام.
- يا رجال قم روح بيتكم.. شوف حالك.
خزينة الوكالة يتسرب مدخولها، وما يربحه الحاج حسن الرملي يفرقه راشد في سهرة القمار.
وضع الوكالة يتضعضع، ومصيرها يتهدده الإفلاس.
دخل شاكر السرو على الحاج حسن في مكتبه البسيط بشارع الشيخ عبد الله في المنامة، حيث يجلس على كرسيه وأمامه طاولة حديدية، وخلفه صورة والده وهو في مدينة بومبي يبرم إحدى الصفقات.
يرفع الحاج رأسه، ويضع القلم جانبا، منتبها لدخول شاكر السرو يقدم رجلا ويؤخر أخرى، مترددا في دخوله، وهو الذي عمل محاسبًا في الوكالة لسنوات طويلة مع الحاج، بل الموظف الذي يعتمد عليه الحاج في سفره مدبرا لشؤون الوكالة بأمانته وخبرته وذكائه.
- شاكر .. في شيء .
عندك موضوع مهم؟ أدري هذا طبعك من تدور براسك فكره..
انا بعد أريد استشيرك في موضوع ..
بس آمر لنا بكأسين شاي وبعدها نسولف على راحتنا .
شوهد المقال 934 مرة
التعليقات (1 تعليقات سابقة):
أضف تعليقك