صحيفة الوطن الجزائري : جعفر يعقوب - البنّاء العاشق- ٩- جعفر يعقوب - البنّاء العاشق- ٩- ================================================================================ randi on 01:28 20.03.2015 جعفر يعقوب مضت ستة شهور عليها، وقد انقطعت أخباره، لكن بعده يزيدها تعلقًا به، وينحل قوامها، حتى لم يعد سر حبها خافيا على عائلتها، ولكن ماذا لديهم لها من العلاج سوى جرعات من التسلية لا تفتت شيئا من عنادها وتمسكها بحبيبها الغائب، فما زالت تنتظره عند شجرة السدرة كلّ صباح، وتترقب عودته في أي وقت.رجع البحار من البحر تعلوه غيمة من القتامة والحزن والتعب يجهد جسده. لاحظت زوجته ذلك، أخذت منه الصورم، وأنزلته للأرض، وقالت له: - عسى خير ؟؟ - جاسم دخلته من بنت خالته ليلة الجمعة القادمة! خرست، وقيدت المفاجأة لسانها، ثم أردفت: - من وين هالخبر ؟ - سمعت الخبر من نوخذة المعامير الحاج سعيد، ودعاني لحضور وليمة العرس. - ما ليهم أمان شباب اليوم. من وين جتنا هالنايبة؟ - فهمي بنتك أن ما لها نصيب فيه، ولازم تنساه ، ونصيبها مع من يعرف قيمتها ويخاف عليها. بعدها صغيرة، والمكتوب لها بتحصله.. فهميها تنسى خرابيط هالحب، وتبحث عن مصلحتها. - انت شايف حالها يكسر القلب .. لا تآكل ولا تنام إلا بعد أن تدوخ، سهرانه، وجسمها يذبل من التفكير فيه. - اشغليها يا أم ناصر ، ومع الأيام بتنساه. وإذا جاء نصيبها ما بتفكر فيه. لملمت أم صيد زوجها من الأسماك وحملته إلى المطبخ الصغير، يسكنها همٌّ كبير وعاصفة من الحزن، وسؤال يحيرها كيف ستخبر ابنتها بزواج جاسم الذي أحبته من فتاة أخرى من أقاربه؟ وكيف ستتجاسر على صدع قلبها الذي مازال ينتظر عودة الحبيب الغائب؟؟ وتنهدت بعمق ترتشف متنفسا يروّح عنها الغمّ الذي يطأ قلبها بثقله. ليس وحدها يحس بجوّ الكآبة يخيمّ على البيت الصغير، أربع من البنات وستّ من البنات كأنما رفّ عليهم غراب مظلم، فأحال البيت رغم التوسعة الجديدة في بيتهم إلى خرابة ضيقة ينعب فيها الحزن، وهو البيت الذي لا تغادره الضحكات ومداعبات الحاج أحمد لزوجته وعائلة، حتى تخالهم أسعد الناس رغم بساطة عيشهم، فقد كانت الظرفة وروح النكتة تسري في عروقهم حتى صغارهم، وذلك ديدنهم .