جعفر يعقوب - البنّاء العاشق -٥-
بواسطة 2015-03-14 02:30:38

جعفر يعقوب
جلست وبقربها مرآة صغيرة تسرّح شعرها الناعم المنسدل على كتفيها بمشط خشبي، ويدها تلاعب شعرها في ذهول، سارحة وراء وراء الحدود، فاقتحمت أختها( عاتكة ) و التي تصغرها بسنة خلوتها، وقطعت عليها حبل خيالاتها:
- يا عيني، من عنتر اللي خطف فطوم؟ فوق احصان لو فوق حمار؟؟ وهي تضحك ساخرة.
انتبهت لها، ولم تنبس ببنت شفة.
فأعادت عاتكة عليها سؤالها ثانية ..
- من وين فارس الأحلام؟؟ مؤكد ولد المعلمة شيخة ( معلمة القرآن)، لا أشك اعيونه زايغة.
لم تخرج فاطمة عن صمتها.. وبعد برهة من الوقت قالت:
- لا شيء من اللي في مخش..
- والله ؟؟ مو شايفتك سارحه بعييد. خبر بفلوس لكن بكره ببلاش.
خلصي تمشط شعرك، وروحي شيلي الثياب من حبل الغسيل قبل العصر.
وتمتمت فاطمة: عفريتة! تدخل عصها في اللي ما يخصها.. وأخذت تسرّح شعرها مزهوة بأنوثتها وجمال وهي تتأمل وجهها القمري في المرآة.
لم يخامرها شك بأنها مجذوبة لرفع الثياب من حبل الغسيل، فانطلقت بخفة، فما زال ولد المعامير موجودا، هكذا حدثتها نفسها، وهي تغذ السير إلى حبل الغسيل.
اقتربت من الحبل، وعيناها تتلفتان على حذر جهة عمال البناء، وهم يستعدون للرجوع بعد أن انتهت ساعات العمل الطويلة والشاقة، وقلبها يخفق ودقات قلبها تنبض بسرعة، لكن المفاجأة التي أسعدتها بغير توقعها، أنها رأته يخطو باتجاهها فاضطربت، وهمت تجمع الثياب بسرعة قبل وصوله نحوها، إلا أنها لم تتمكن من ذلك، فسرعان ما سمعت صوته بقربها ..
-كيف حالك فاطمة؟
فتلعثمت وارتبكت، ولم تعرف كيف تجيب، والعرق يتصبب منها، وتجمدت في مكانها، كأنما انغرست رجلاها في الأرض لكنها سمعت صوتا من بعيد ينادي:
جاسم .. جاسم بسرعة تعال ورانا طريق حتى نوصل المعامير .
ودعها بنظرات متلهفة، وبادلته النظرة بمشاعر ذائبة وهو يبتعد عنها، بينما كانت عيونها تودّعه، ضارعة له بالرجوع سالما.
كانت عاتكة على بعد ترصد المشهد وتشاهد ما يجري، وهي تهز رأسها وابتسامتها تهمس بسرّ خطير.
شوهد المقال 1361 مرة
التعليقات (0 تعليقات سابقة):
أضف تعليقك