جعفر يعقوب - البنّاء العاشق -٣-
بواسطة 2015-03-11 18:45:55

جعفر يعقوب
كان القمر بدرا باهرا بضيائه الفضي، والسماء ترتدي فستانا مطرزا بالنجوم ، وتنثر قرطا من اللآلئ على جِيدها الأنيق .. يتأمل جاسم في مرآها فتتبدد سحب الغم التي لم تتلبّد على صدره من قبل. ويطيل حدقه بالنجوم فتزدهي نجمة لامعة أمامه تغازله، وتغمزه برمشيها، فيتأوه متنفسا الصعداء يتجاوب معها الكون، ورويدا رويدا تسقط النجمة في نزول سريع إليه حتى تستريح على كفيه كفراشة بيضاء انتعشت على غصن رطب.
وفجأة ينتبه جاسم من نومه على صوت أخيه حسن الأصغر؛يوقظه لصلاة الفجر.
- آهٍ لقد حلمًا إذن .. ويلتفت لحسن قائلا:
- يا لشقاوتك أيقظتني من حلم جميل، ليتك لم تفعل.
- حلم جميل ؟ وهو يضحك قائلا:
- بس لا تقول أنك صرت غني هههه .. قوم صل .. وانصرف عنه .. بينما أخذ جاسم يتمتم:
- ليت اللي في بالي يتحقق، يكفيني هذا .
مع شروق الشمس انتفض الأخوين لقطع الطريق إلى سترة كالعادة، يحدو جاسم حلم جميل وأمل أن لا يخيب عسى يشعر بما يبرد نيران قلبه.
بدأ العمل مع سموم الشمس؛ أخذ يرفع الطوب الثقيل إلى أخيه، يساعده خليل وناصر اللذين يعملان مع عبد الله في عمل البناء منذ أمد، وهاهما قفلا للعمل بعد عودتهما من زيارة مراقد أهل البيت في العراق وإيران، ذلك. ما سيهوّن عليه العناء في هذا الجوّ القائظ.
أخذ جاسم الغربال ليملأه بالرمل، وعند الباب كان ما لم يكن في الحسبان.. هي نفسها بالقرب منه، خفرة محتشمة، رمقها بنظرات سريعة ثمّ عاد لعمله، وقد تبسمت روحه، وتفتحت حدائق قلبه، كمن لفتحه نسمة ريح باردة في يوم مصيف. بينما أخذت طريقها، وهي تحمل كتابًا في يديها، مهيضة بنظرها إلى الأرض كمن ارتعشت خجلا وحياء من رؤيته.
شوهد المقال 1043 مرة
التعليقات (0 تعليقات سابقة):
أضف تعليقك