أحمد شعبان ..... مالينا

أحمد شعبان
مع كل فجر وفتح لمحل السيديات الذي غادرته البارحة يبقى مالينا هو الفيلم الأروع الذي كنت أشعل تلفاز آكل عليه الدهر وشرب ، لكنه يجعل لك من الحميمية ما يذكرك بسينما الكندي في دمشق كنت تزورها وحدك عازفا عن دور السينما التي يرتادها أخواني المثليين متبادلين فيها مع الشاشة والممثلين الأدوار، هم الشاشة والممثلين والمخرج والمؤلف، أحب تأدية فيلمي في حمام الخانجي بالقرب من جسر الثورة، ليس ببعيد عن أسواق الفاكهة والخضر وساحة المرجة حيث الكل يتداخل ويبحث عن الحب، الحب الذي لا يبلغ سموه إلا من طرف واحد كما يحدث لريناتو مع مالينا، يكفي كفها مع قطع نقدية تنزلق منه على الأرض وهي تطلب منه شراء علبة سجائر (إكسترا مقدونيا) لتقع على الأرض ويبدأ العمر والولادة والموت لحظتها، عين ريناتو ترتفع لترى السيقان التي سنعيش على ذكراها أكثر من منحوتات وتماثيل روما قاطبة، القطع النقدية على الأرض ستخلد أكثر من تلك القابعة في قعر نافورة تريغي بكل الآماني التي لامستها الأكف، لو تخيلت الأمر وطلب مني مازن شراء علبة سجائر ليغويني بتأمل ساقيه وما فوق وأنا أعلو بناظري على وزرته التي لم تجف أبدا وستبقى مبتلة في الذهن، مازن الذي احتل مكانه في سمائي بتحميمه لي كطفل وتقبيل أطراف الأصابع، كان على تلك ال(وشك) التي تسبق الإعتراف بالحب، أعيش على حدودها منذ ذلك اليوم حتى هذه الآيام التي كنت قبل سنة من الآن أعيشها متشردا في بيروت بانتظار أمسية لشاعرة آحببتها وحفرت مكانها بجرح أقوى في القلب، ذات الآيام التقيت بسمر دياب لعشرين دقيقة في مقهى لن نكن نملك أنا وهي ثمن فنجان بلا سكر فاته تلك الطلة الغجرية والحلق الذي كان يرن، لم تكن تملك إلا وشاح اعتذرت عنه كونها لا تملك غيره(أكبر أخطاء حياتي هو ذلك الإعتذار) تمنيت وأنا أشاهد مالينا لو تحقق تكرر المشهد وطلبت مني شراء علبة سجائر لها وانزلقت الليرات من الكف، لم تكن تحويها حتى مع كل الفتنة والإغواء الذي سأل عن سنوات العمر، مع حلمها الذي سأحققه لها بشراء طائرة هيلوكبتر سأهدي لها منزل يطل على بحر قد ترغب بالعيش فيه كون هذه الدنيا لا تحتمل شاعرة تنتزع الحياة بأظافر طويلة وبقايا عطر، المقابل الذي أريده هو صباح أتأمل فيه بابها لتطل منه وتناديني لأشتري لها علبة سجائر وقطع نقدية تنزلق في الروح والكبد(أنا عراقي في جزء مني والكبد لدينا كالقلب)، أقوى الرجال كان ليبقى ويتوقف عمره أمام قطعها النقدية ساقيها صمتها كلماتها التي ستبقى حبيسة العين، أنا سأكتفي بمعرفة ماركة سجائر سمر دياب....
شوهد المقال 1711 مرة
التعليقات (0 تعليقات سابقة):
أضف تعليقك