رضوان بوجمعة ـ الأسئلة المغيبة لدى الأجهزة الحزبية والإعلامية و"النخب الجامعية"!
بواسطة 2021-02-22 23:27:09

د. رضوان بوجمعة
الجزائر الجديدة 194
عامان كاملان مرا اليوم على انطلاق الثورة السلمية، عاد الشعب إلى الشوارع، اليوم الاثنين، يوم يشبه أول "جمعة" من الحراك، عودة تكون قد صدمت أصحاب القرار الذين أصبحوا كل يوم يثبتون أنهم لا يعرفون المجتمع ولا التحولات التي يعيشها، وهم الذين صدقوا أكذوبة نهاية الحراك التي أطلقتها قيادات الأجهزة الحزبية وحملة الشهادات الجامعية وبعض الأقلام الصحفية الباحثة عن ريع السلطان وغنائم منظومة التعيين، وهي التي تتسابق منذ أسابيع لإطلاق وصف الأصيل والمبارك لحراك شعبي سلمي موضوعه واضج وهو الدعوة للحريات وبناء دولة الحق والقانون.
"إثنين" يذكر بـ "الجمعة" من أدرار إلى بلكور..
هذا الاثنين - وهو يوم عمل - يشبه يوم الجمعة في حركيته نحو انتزاع معركة الحرية، وهو يوم سيسجل في تاريخ المقاومة الجزائرية للفساد والاستبداد، فقد خرج الشعب في مختلف ولايات الجمهورية فمن البيض إلى الابيض سيدي الشيخ مهد المقاومة الشعبية، إلى ورقلة و أدرار محاد قاسمي المعتقل في سجون النظام، إلى تلمسان ووهران ومستغانم و سيدي بلعباس و قسنطينة وجيجل وباتنة وتبسة وعنابة، وبجاية والبويرة وتيزي وزو والعاصمة وبومرداس... وغيرها من الولايات، وكل هؤلاء بصوت واحد من أدرار إلى بلكور ومن تلمسان إلى تبسة، من السواحل إلى الجبال، ومن السهول إلى السهوب، الشعب بصوت واحد، صوت السلمية وحب الجزائر، يقول "نظامكم مات وحياتنا بدأت"، صوت يطالب بتغيير منظومة الحكم بشكل جذري حتى لا تتكرر مآسي الماضي من فساد واستبداد واغتيال وا عتقال و اختطاف ونهب... بدون أدنى حياء.
كانت العاصمة محاصرة منذ امس من كل مداخلها، واعتقل من اعتقل في صبيحة اليوم، قبل أن تنطلق المسيرات من بلكور وباب الوادي، وقلب البريد المركزي لتنجح في محاصرة الحصار وتؤكد أن إرادة الشعب لا يمكن أن تقهر مهما كان الكذب والتضليل القمع والقهر.
فكيف يمكن تفسير هذه العودة بعد وقف المسيرات لمدة عام بسبب الوباء؟ ولماذا يشبه الاثنين أول جمعة ليوم 22 فيفري 2019؟ ولماذا عاد الشعب للشارع رغم حملات القمع والتخوين ضد الحراك؟
السلطة المريضة برئيسها وقطيعها السياسي والإعلامي..
السلطة بعد أن فرضت تبون في قصر المرادية بمرور بالقوة سيحفظه التاريخ كأخطر اقتراع يهدد الوحدة الترابية، اقتراع فرض دون منطقة القبائل التي لم يدخلها أي مترشح وكأنها خارج الجزائر، في حين انهم كانوا في صورة سريالية يتهربون في و لايات أخرى من الناخبين وهم يحتمون بقوات مكافحة الشغب.
ورغم أن الشعب ندد يوم الاقتراع بهذه العملية، واصلت السلطة مسارها الانتحاري، وراحت تواصل حملات الاعتقال والتضليل والكذب الإعلامي الذي لا ينتهي، كذب أصبحت بموجبه كل الأجهزة الإعلامية في الجزائر أجهزة لا يتابعها أحد ولا يصدقها أحد، وهو مؤشر خطير يؤكد أن هذه المنظومة الإعلامية أصبحت تشكل خطرا حقيقيا على الأمن القومي.
وبالرغم من كل الضغوطات وعدم وجود مؤشرات الاستجابة لمطالب التغيير الفعلي لمنظومة الحكم في أدواتها وآلياتها وقواعد وممارسة الحكم، إلا أن الحراك الشعبي استجاب لنداءات الحراكيين لوقف المسيرات في مارس 2020، خوفا من انتشار وباء كورونا، بل وتنظم شباب الحراك في حركات اجتماعية لمساعدة العائلات على تجاوز محنة الوباء، ويتبين أن السلطة تعتقد أن الحراك مشكلة وليست فرصة.
عام من الكورونا ووباء التخوين والتخويف والاعتقالات
مر عام كامل على توقف المسيرات، وبقيت السلطة وقطيعها السياسي والإعلامي لوحدها في الفضاء العمومي، فماذا فعلت السلطة؟ وماذا فعلت الأجهزة الحزبية والإعلامية؟ هل أعطت إشارات لمسار سياسي للتغيير؟ هي أسئلة وغيرها يتم تغييبها في الفضاء العمومي، وكل الدعاية الرسمية ورغم توقف مسيرات الحراك، إلا أن الحراك بقي هو هدف حملات التضليل، وقد تخصص عمار بلحيمر وأجهزة البروباغندا المستفيدة من ريع الاشهار والمال العام، في تضليل الرأي العام، وآخر هذه العمليات اختصار الحراك الشعبي في شخص العربي زيطوط وأمير دي زاد والإرهاب مع "عملية أبو الدحداح"، وهي كلها رسائل أقنعت الشعب أن السلطة لازالت تسير في خطة تجديد نفسها لا غير، و لا تملك أي مشروع إلا البقاء في السلطة..
الإجابة عن الأسئلة السابقة تبين أن السلطة تعطي صورة النظام الضائع الذي لا يمكنه أن يحل حتى أزماته الداخلية، أما مشاكل الجزائر فلا يفكر فيها أصلا لأنه لا يعتقد أن ممارسة السلطة تتعلق بتسيير الشأن العام، بقدر ما يتعلق الأمر بتسيير مسار ضمان إعادة إنتاج المنظومة في كل مكان، ولذلك فإن امتدادت السلطة في الأجهزة الحزبية والإعلامية سارت في هذا الاتجاه، وتجندت كلها سرا وعلانية في تكرار خطاب التخوين والتخويف الذي أطلقه تبون وعمار بلحيمر وغيرهما من رجالات السلطة الذين لم يفهموا بعد أن رداءتهم هي أكبر مؤامرة تهدد الجزائر في حاضرها ومستقبلها، رداءة رد عليها الجزائريون والجزائريات بشعار جديد هدفه تدمير خطاب التضليل والكذب الإعلامي "مكان إسلامي مكان علماني... كاين عصابة تسرق عيناني"، وهو شعار يذكر السلطة أن تضليلها الأيديولوجي و الجهوي لا يمكن أن يمر، ، وبأن الكذب الإعلامي يجب أن يتوقف لأنه يهدد الأمن القومي..
الجزائر في 22فيفري 2021

شوهد المقال 159 مرة
التعليقات (0 تعليقات سابقة):
أضف تعليقك