مولود مدي ـ التحديث السياسي
بواسطة 2021-01-23 01:02:48

مولود مدي
أحد الباحثين في التحديث السياسي Lucian Pye في كتابه Aspects of Political Development يطرح فكرة، أن المجتمعات على اختلافها، يجمعها شيء مشترك وهو انه تحمل في داخلها des syndromes de modernisation politique "أعراض" تشير الى امكانية ذهابها نحو تحديث سياسي، من تلك "الأعراض" مثلا زيادة اهتمام الافراد بالعمل السياسي والمطالبة برسم قواعد جديدة تحكم الحياة السياسية، لكن هذه الأعراض سرعان ما تتطور الى أزمات des crises وجب حلها حتى تتحقق الدولة الحديثة ويتم تحديث الحقل السياسي، كل مجتمع وكيفية تعامله مع تلك الأزمات والنهج الذي سيسلكه من أجل حلها، الأزمات التي يتحدث عنها هذا الباحث هي:
أزمة الهوية crise d'identité:
ترتبط بالحاجة الماسة داخل مجموعة سكانية الى خلق (شعور دائم) لدى الفرد بالانتماء الى مجتمع محدد اقليميا. في الدول الفتية، يتم إعاقة هذه الضرورة وبالتالي اعاقة حل الأزمة، بسبب الولاءات المحلية والروابط التقليدية المختلفة التي تربط الأفراد: الانتماءات العرقية ، روابط القبيلة، الروابط المذهبية والطائفية... من المستحيل حل الأزمة الناتجة عن الصراع بين الحاجة الى هوية وطنية جامعة وبين الروابط التقليدية دون تغيير هيكل المجتمع la structure sociale ودون جهد يهدف الى تحييد الأنساق التقليدية.
أزمة الشرعيةcrise de légitimité:
تنبع من صعوبات تواجه السلطة السياسية التي تحتكر استعمال "العنف المشروع" في الحصول على الاعتراف الكامل، هذه الأزمة هي اساسا مركبة من عدة ازمات تعبر عنها الأسئلة على شاكلة: ما هو الدور الذي يجب أن تلعبه الأجهزة البيروقراطية المدنية والعسكرية في الحياة السياسية ؟ كيف يجب ضمان الانتقال بين الهياكل السياسية الاستعمارية les structures coloniales والهياكل السياسية الجديدة التي تم تأسيسها بعد الاستقلال؟.
أزمة المشاركة السياسية crise de participation politique:
دخول لاعبين جدد إلى اللعبة السياسية يؤدي الى ظهور توترات des tensions مع النظام السياسي، هذا يجبر على اعادة النظر في المؤسسات التي تدير السلطة السياسية، ظهور عدد من مجموعات المصالح les groupes d’intérêts وأحزاب سياسية جديدة الى الساحة يؤدي الى الحاجة إلى بناء أشكال جديدة من العلاقات السياسية بين كل هذه الأطراف. كما تطال la radicalisation مطالب الجموع les masses ويزداد مستوى وسقف مطالبهم، اما يقوم النظام السياسي بإستيعات هذه التوترات، او يقوم بتوسيع قاعدة المشاركة السياسية...
أزمة الاندماج crise d’intégration:
تنبثق من صعوبات إدخال العمل السياسي للجموع les masses في "منظمات" des organisations قادرة على إعطاء المطالب شكلاً وتوجهاً. وهذا من خلال إنشاء un résrau d’inter-relations يربط تلك المنظمات السياسية ببعضها البعض، وكذلك يربط بين هذه المنظمات وبين المطالب الشعبية، الدول التي قامت بحل هذه الأزمة، بتطوير النظم الانتخابية systèmes électoraux و ابتكار ما يسمى بالأحزاب السياسية.
أزمة توزيع الثروة crise de distribution:
حل هذه الازمة يحتاج الى un arbitre يقوم بحل الصراع بين الفئات الاجتماعية المختلفة ( أرباب العمل، العمال..)، بحيث يتم تحديد طريقة توزيع أكثر فعالية وعدالة.
كل دولة وأسلوبها الذي اعتمدته في حل الأزمات المذكورة، شهدت بريطانيا العظمى تحديثًا سياسيا منسجما وهادئا نسبيا ، بحيث توفرت لها شروط تاريخية مكنتها من التعامل مع كل من هذه الأزمات كل واحدة على حدة، وبوتيرة مقبولة، ce n’est pas le cas ، في ألمانيا وإيطاليا أين كانت التوترات الناتجة عن أزمة الهوية، وأزمة الشرعية أكثر خطورة. العالم الثالث ودوله التي ولدت كنتيجة لصراع ضد احتلال خارجي الأزمات فيه أكثر خطورة من أي حالة ممكنة ، فمن جهة تواجه ضغط النظام الدولي الذي يجبرها على حل الأزمات المدرجة في وقت واحد ووفق النمط الغربي. وبالتالي تجد هذه الدول الفتية نفسها أمام حتمية تفضيل حل إحدى هذه الأزمات ( مثلا أزمة توزيع الثروة) بحيث تنشغل بها الى غاية حلها لتتجه نحو الأزمات الأخرى، وهذا المنطق المغلوط، أدى في ما بعد الى تعفين الوضع السياسي أكثر، بحيث أصبح استمرار هذه الكيانات الفتية نفسه مهددا.
شوهد المقال 241 مرة
التعليقات (0 تعليقات سابقة):
أضف تعليقك