محمد هناد ـ هل الجيش الوطني الجزائري «مؤسسة» ؟
بواسطة 2021-01-08 01:35:53

د. محمد هناد
من الغريب أن نسمع أساتذة جامعيين يصفون الجيش الوطني بالـ «مؤسسة»، هكذا جزافا، ولا ندري لماذا لا يطلقون هذا الوصف على جهاز الشرطة الذي هو أكثر حضورا في حياتنا اليومية. الجيش الوطني لا يمكن اعتباره مؤسسة بأي شكل من الأشكال لأنه هو مجرد أداة للدفاع الوطني مادام انخراط أفراده فيه اختياري وليس فضلا منهم إلا من حيث مدى تفانيهم في القيام بهذه المهمة في حالة الضرورة. لذلك، مواجهة الجيش الوطني للإرهاب لا يمكن أبدا اعتبارها فضلا منه على الرغم من وجوب تقديرنا، معنويا وماديا، للتضحيات التي يقدمها أفراده في سبيل ذلك. أكثر من ذلك، نستطيع القول إن جيشنا لم يبلِ بلاء حسنا في مكافحته للإرهاب الذي لازالت فلوله نشِطة إلى اليوم، بعد مرور ثلاثة عقود تقريبا.
حسب رأيي، مفهوم «المؤسسة» لا ينطبق إلا على تلك الهيئات التي لها علاقة بتنظيم شؤون المجتمع بصورة دائمة وتتمتع، لأجل ذلك، بالسلطة. هذه السلطة تكون إما قانونية ناجمة عن دستور بوصفه عقدا اجتماعيا، مثل المؤسسات السياسية الثلاث المعروفة، أو معيارية مثل أشكال الممارسات الاجتماعية المتعارف عليها، بما في ذلك الممارسة الدينية. أما الجيش، فلا يمكن أن تكون له أية سلطة، بل هو أول من يجب أن يخضع لسلطة مدنية بسبب الغرض الذي أنشئ من أجله وكذا بسبب حيازته للأسلحة وتمتعه بإمكانيات أكثر من أي قطاع اجتماعي آخر على الإطلاق.
هناك مغالطة أخرى يجب أن ننتبه إليها جيدا وهي وصف الجيش الجزائري بـ «سليل جيش التحرير الوطني». أولا، هذا الوصف غير صحيح لأن الظرف يختلف تماما ولأن المجاهدين بالأمس لم يكونوا جيشا نظاميا بل مقاتلين بسطاء من أجل غرض واحد هو الاستقلال. طبعا، ماعدا جيش الحدود الذي كان يستعد للاستيلاء على السلطة بعد الاستقلال وقد فعل لنجني اليوم عواقب فعلته. ثانيا، هذا الوصف ينطوي على «حشوة» في غاية الخطورة لأنه يعني أن هذا الجيش هو الذي حقق لنا الاستقلال ؛ أي لابد أن نظل نشعر دائما بفضل قادته علينا خصوصا، راضين بكل ما يقررونه لنا هؤلاء.
شوهد المقال 280 مرة
التعليقات (0 تعليقات سابقة):
أضف تعليقك