عثمان لحياني ـ الرسائل
بواسطة 2020-12-19 01:20:46

عثمان لحياني
في لحظة ما ، بدا الرئيس تبون في صورة الفعل والموقع نفسه الذي كان فيه الرئيس التركي عشية الانقلاب الفاشل عام 2016 ،استدعى الرئيس واستخدم نفس الأدوات التواصلية لنسف اشاعات وشائعات متداخلة وقصص مركبة نم تداولها عن اجتماعات مخبرية وبدء التفكير في سيناريوهات محتملة كالمرحلة الانتقالية أو قرب اعلان الشغور وغيرها.
في الواقع هذه القصص لم تكن تحتاج الى كثير من الحصافة لفهم أنها جزء من خيال سياسي فقير للحقائق ، وبغض النظر عن ذلك، فان أهم رسالة سياسية تضمنها تدخل الرئيس أمس بوضوح ، هو أن السلطة ماضية في تنفيذ خارطة الطريق التي رسمتها منذ بدء المسار الحالي ،برغم مخرجاته الرديئة التي أفرزها ، سواء على صعيد تدبير الشأن السياسي ، أو أجهزة تنفيذ السياسات العمومية .
بدى الرئيس غير معني تماما بالنتائج التي آل اليها الاستفتاء الشعبي على الدستور ، في علاقة بالمقاطعة الشعبية الكبيرة، وقدم موضوع تعديل قانون الانتخابات المؤدي الى الانتخابات النيابية المسبقة كأهم التزام تعهد به يستوجب التنفيذ ، ينطوي هذا على تثبيت تام لخطة السلطة في اعادة انتاج مؤسسات الحكم ، ضمن مقاربة مشوشة تضع الانتخابات كأداة ميكانيكية لصناعة الهياكل ، وليست وسيلة لتكريس الخيار الديمقراطي.
يفهم من كلمة الرئيس ان السلطة مازالت تعتبر أن الأزمة المزمنة للنظام السياسي في البلاد، هي أزمة مؤسساتية محضة، ولذلك تلجأ الى الانتخابات بشكل مستمر لتجديدها مع تغيير طفيف لخطوط الملعب، هذه مشكلة كبيرة لأن السلطة اما انها ترفض استلام الرسالة الشعبية بعد مقاطعة الاستفتاء،أو أنها تراهن على انتخابات جديدة تستوعب من خلالها كامل المعارضات السياسية ، ضمن ما تقدمه من عرض ضعيف للحاجيات الديمقراطية.
مع افتراض أن طبيعة الظرف الصحي وقصر مدة الكلمة لا يتيح ذلك ، لكن تجاهل الرئيس لدعوات انجاز حوار وطني، يتيح حالة من التوافقات حول المناخ السياسي والظروف التي يمكن أن تتم فيها الاستحقاقات المقبلة، وعدم توجهه في هذا الظرف الضاغط بأية اشارة الى المكون السياسي والمدني، ينبأ بأن السلطة السياسية ليست لها أية نية في هذا الاتجاه، وأنها مصرة على المغامرة المنفردة مرة أخرى .. وهذا محمل قلق جدي .
شوهد المقال 464 مرة
التعليقات (0 تعليقات سابقة):
أضف تعليقك