عثمان لحياني ـ ثلاثة من كل أربعة جزائريين لم قاطعوا الإنتخابات

عثمان لحياني
ثلاثة من كل أربعة جزائريين لم يذهبوا إلى مكاتب التصويت في استفتاء الدستور، نسبة المقاطعة غير المسبوقة في تاريخ الانتخابات في الجزائر ، تستدعي طرح سؤالا جديرا بالدراسة، لماذا لم يصوت ثلاثة أرباع الجزائريين ؟
بداية من المهم الاقرار أن الدستور الجديد ، هو جزء من مسار كامل ينطوي على تجدد النظام من الداخل ، ومحاولة منه لاعادة توزيع الهوامش ، والتكيف مع المقتضيات التي أفرزها الحراك الشعبي ، على قاعدة استيعاب الدولة للثورة الشعبية.
تأخذ المقاطعة كنتيجة، أسبابها العميقة من نقاط يمكن وصفها بأخطاء سياسية وقع فيها الرئيس نتيجة تحمسه للتخلص من ميراث العهد السابق ، أو فخاخ دفع اليها بحسن نية أو بسوء قصد من المجموعة المساعدة له في صناعة القرار او المساهمة في تدبير الخيار.
*- أخطأ الرئيس عبد المجيد تبون في اختيار التوقيت السياسي لطرح مشروع دستور جديد ، وتسرع كثيرا في تشكيل لجنة الخبراء الدستوريين لصياغة دستور جديد بعد أقل من شهر من تسلمه السلطة، ثم تجهيز مسودته الأولى في مارس الماضي، وهي فترة وجيزة، لم تتح له أخذ وقته الكافي الفهم المتغيرات وتأثيرات الهزة العنيفة التي أحدثها الحراك الشعبي في مفاصل الحكم وفي الشارع.
*- طبيعة اللجنة الدستورية وتشكيلتها الأحادية من طرف الرئيس ، بحيث لم تكن للأسر السياسية المشكلة للطيف الجزائري أي تمثيل فيها، ما يعني عدم وجود اطار تشاركي يوفر التوافقات الضرورية للدستور، وتهيأ له الحاضنة الشعبية والسياسية اللازمة لقبوله ، اضافة الى مخرجات النص الدستوري الملتبس أصلا.
*- طريقة تسويق المشروع كانت الخطأ القاتل ، لعلها أبرز عامل لعب ضده، كان من الخطأ الاعتماد على أحزاب وكيانات ووجوه محسوبة على العهد السابق ومرتبط صوتها وصورتها بنظام الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، وكان الحراك يطالب باستبعادها من المشهد السياسي، وهو ما خلق شعورا شعبيا بوجود حالة استمرارية لمرحلة بوتفليقة، وعدم وجود تغيير حقيقي في البلاد.
*- الخطاب السياسي الفج للمتحدثين الى الرأي العام باسم الدستور الجديد ،سواء ممثلين للدولة أو الموالين لها ،واستدعاء شبكة ريعية من المجتع المدني ،والتوظيف القبيح لخطاب المؤامرة ،و كذا موجة اعتقالات الناشطين والتضييق على الحريات، ومنع القوى المخالفة من طرح موقفها وشرح رأيها ، كلها كانت بالنسبة لقطاع واسع من الجزائريين ، عبارة عن بث تجريبي ، للطبيعة التي سيكون عليها المشهد والسلطة مستقبلا.
*- مكونات الحراك الشعبي المستمرة في المطلبية الديمقراطية والملتزمة بشعار القطيعة ، لعبت دور، بغض النظر عن حجمه ، في احداث المقاطعة ، لكونها تملك قوة أخلاقية ومشروعية واقعية للمبررات التي ساقتها الى مقاطعة، كموقف سياسي وليس كسلوك وعزوف انتخابي .
شوهد المقال 402 مرة
التعليقات (0 تعليقات سابقة):
أضف تعليقك