سعيد لوصيف ـ في الممكن والمطلوب..
بواسطة 2020-09-25 02:28:15

د.سعيد لوصيف
الثورة ليست نتاجا ميكانيكيا حتميا لتناقضات النظام السياسي الريعي القائم فحسب، وإنما هي مسار تاريخي مجتمعي تستمد عفويتها وعمقها من فلسفة غريزة الحياة التي يعبر عنها الأفراد صراحة في رغبتهم في البقاء والوجود؛ و من قدرة النخب أيضا، على اختلافها وتنوعها، على بناء تحول فكري مجتمعي يجد له امتداد عضوي في النسيج الاجتماعي وعامة الجماهير. كما أكرر أنه يتعين في مثل اللحظات الفارقة التي نعيشها، رفض كل خطابات الحقد والكراهية والاتهامات بالتخوين التي يسوق لها عدد من هواة "البرمجة الذهنية"، وذلك لسببين رئيسيين : الأول لأنها تخاطب العاطفة و جنونها وتلغي التفكير والنقد، والثاني لكونها "برمجة ذهنية" تهدف إلى تطوير ممارسات انقلابية(subversives) عنيفة على المدى البعيد، والتي أعتقد أنها تقع على النقيض من فكرة ومبدإ السلمية؛ بل وقد تستخدم في نهاية المطاف وتستغل كنمط اجرائي (mode opératoire) لثورة مضادة. وعليه، فلا وجود لنضال خارج اتجاهات وممارسات تنصهر في مشروع سياسي واضح المعالم يحمل هوية سياسية ومحتوى غير غامض يدرك في كله، وله من المرئية والشفافية ما يبعد القلق والريبة والشكوك. و لن يتحقق هذا في نظري إلا إذا انعزل طواعية عن المشهد و التشويش على الفعل السياسي أولئك الذين "طاب جنانهم" (من أمثالي على الاقل) و أولئك الذين كانت لهم مسؤلية في سنوات جنون العاطفة وغياب العقل. فالمستقبل لا يصنعه الفاشلون والمغامرون و الذين يسكنون الماضي والخارجون عن التوجه المستقبلي للزمن، وإنما يصنعه أولئك الذين يعشقون الحياة والحب والفن ولهم من الطاقات ما يبعد عنا العفن ويبعث فينا الامل.
شوهد المقال 243 مرة
التعليقات (0 تعليقات سابقة):
أضف تعليقك