سعيد لوصيف ـ مشروع التحول ومرئيته أهم من تعداد جمعاته..

د. سعيد لوصيف
ذكرت في منشورات سابقة أنه من عوامل العطالات في التحولين الاجتماعي والسياسي في الجزائر، يلاحظ أن الجامعة لم تعد مؤسسة لإنتاج المعرفة و الامتياز وأداة للترقية الاجتماعية والتحرر والانعتاق، وإنما أصبحت بفعل برمجة مؤدلجة لوظيفتها تستخدم في صراعات الاستحواذ على السلطة والنفوذ ، وجهازا لصناعة بروباغوندا النجاح عن طريق التسوية المسطحة بالدبلوم والرتبة، بل ونسقا لشرعنة اللامساواة الاجتماعية وإعادة إنتاج عوامل الهيمنة محليا والقابلية لها خارجيا.
و إذ أنني أذكر بهذا الطرح والاستقراء إنما هو محاولة مني لشد الانتباه إلى ضرورة التفكير ورسم معالم مشروع التحولين المجتمعي والسياسي المنشودين اللذين ظل يطالب بهما معظم أفراد المجتمع، وحملهما رمزيا حراك 22 فيفري.
وبالفعل، وحتى أكون منصفا مع ذاتي والآخرين، فقد كانت هناك محاولات كثيرة اجتهد أصحابها كل من منظوره وتجربته على بلورة مبادرات سياسية كانت أغلبها تصب في محاولات تجاوز الأزمة و انسداد الأفق السياسي.
وبالرغم من ذلك، وبعيدا عن أي حكم قيمي (لا اسمح به لنفسي) ، فإن جل المبادرات قد فشلت أو أفشلت لعدد من العوامل والأسباب، أذكر أهمها : (1) التوجه التقناوي و تغليب منطق الآليات كأولوية سياسية، (2) افتقادها لعمق التنوع والاختلاف في التوصيف والتشخيص، و في التركيبة البشرية لاصحابها إلا ظاهرا ورمزيا، (3) عدم قدرتها سوسيولوجيا على تجاوز ثقل العصبيات المجتمعية وتشكلها في النسق الاجتماعي التقليدي ( التمركز حول المعطى الجغرافي، الاثني، اللغوي أو الاديولوجي... الخ، (4) غياب الشفافية والوضوح والحضور الاجتماعي للهويات السياسية واعتماد أسلوب التموقع وثقافة المڨابرة.
وقد كنت ألح في كل مرة في لقاءاتي الخاصة مع عدد من الأصدقاء - وحتى أكون صادقا - انني لا أرى أفقا واعدا للحراك بعيدا عن ضرورة ومسؤولية بلورة مشروع التحول المجتمعي والسياسي، و وضوح الأهداف و المحتويات السياسية، وكذلك مرئية الأفكار وشكل هياكل التغيير وأدواته، بالنسبة للجزائريات والجزائريين حتى يتحقق انخراطهم الواعي بالمشروع والتزامهم به.
و لا أقصد بالكلام هذا معاودة طرح فكرة الهيكلة، لأنني لسبب بسيط كنت ومازلت أرى أنها قد تشكل نهاية مسار وليس شرطا قبليا في بعث مشروع التفكير في محتوى التحول المجتمعي والسياسي (الفلسفة، المقاصد والأهداف..).

شوهد المقال 515 مرة
التعليقات (0 تعليقات سابقة):
أضف تعليقك