عثمان لحياني ـ الرئيس..قائدا للحراك متظاهرا في القصر

عثمان لحياني
الرئيس قفز من سفينة النظام وتقدم الآن الى الصف الأول للحراك ، تموضع بحيث يصبح قائدا للقطار ومحددا لخط سيره، قاد مظاهرته أمس في قصر الأمم (معارضا) وتبنى نفس شعار الحراك بأن لا عودة الى الوراء، وبنفس الصيغة الشعبية (ماكانش مارش آريار أو ما نولوش) .
اذا وضع خطاب الرئيس المشحون في سياقات مماحكة للسيرورة التاريخية للنظام ، بما فيه من وقائع وحقائق ونقد لاذع ضد لوبيات الادارة المريضة المعطلة للاصلاحات، واستدعاء للدعم والاسناد الشعبي، فانه يستحضر الى الذاكرة نفس محمول خطاب الرئيس الشاذلي بن جديد ذاك في 19 سبتمبر 1988 قبيل أحداث اكتوبر بقليل، والذي استخدم فيه نفس المضمون النقدي لأجهزة الدولة ، وخطاب الرئيس بوتفليقة عن "الجنرالات السبوعة" الذين يريدون التهامه .
الرئيس لم يكن مشاركا في الحراك ولا مزكيا له في اللحظة السياسية التي يجب ، يجدر التذكيرأنه بعد ازاحته من رئاسة الحكومة في أغسطس 2017 جدد التزامه العقدي مع الرئيس السابق صانع النكبة كلها، في أتون معركة كسرعظم بينه( تبون) وبين عصب نافذة ، ولذلك يتوجب تَبَين إن كانت (المعركة) التي يعلن خوضها هي فعلا معركة اصلاح و تغيير ،أم أنها معركة بين مجموعتين من النظام السابق، تمكمنت احدهما من الأخرى بفعل وضع أو متغيرات ساقت الدفة لصالحها.
يمكن ملاحظة أن استخدام مصطلح "الثورة المضادة" مر من المستوى الشعبي ومنصة الفايسبوك الى المستوى الوظيفي والمنصة الرسمية، وهو تطوير اتصالي لنظرية "المؤامرة"، وادخاط الثورة المضادة" الى القاموس السياسي الرسمي فيه دغدغة لطيف الاسلاميين في الغالب ، لكون أنهم الضحية البروز للثورات المضادة في كثير من الدول ، وفي توقيت توجست فيه السلطة من حركية محتملة للشارع .
استغراب الرئيس من الممارسة الكوميدية للأجهزة الادارية هو في حد ذاته محل استغراب ، الرئيس يحمل مسار كامل (من رئيس دائرة الى رئيس الجمهورية ) ومر بكامل مراحل الوظيفة الادارية ، وهو نفسه من مخرجات وانتاج نفس المنظومة ، ويعرف لذلك أن هذه الأساليب التسيرية ليست بدعة لتكن محل استغراب ، بل ان الرئيس يعمل مع نفس المسؤولين الذين صنعوا مناطق الظل نفسها وشاركوا في النكبة الاقنصادية وزوروا الانتخابات.
يمكن أن يكون الرئيس حقق هدف الردع النفسي لعصبة ما ، وتحميل الحلقة الأضعف في الدولة مسؤولية الاخفاقات الأخيرة وتعطيل الخطط الانمائية، واستيعابها للانخراط اجبارا في خط سيره ، لكن هذه تبقى مقاربة ادارية وأمنية مخرجاتها لن تحل المشكلة الأساس ، تظل المشكلة المؤسسة لأزمة الدولة مشكلة سياسية بالدرجة الأولى .
شوهد المقال 188 مرة
التعليقات (0 تعليقات سابقة):
أضف تعليقك