صحيفة الوطن الجزائري : عثمان لحياني ـ موت السياسة في الجزائر عثمان لحياني ـ موت السياسة في الجزائر ================================================================================ عثمان لحياني on 05:59 09.08.2020 عثمان لحياني مستوى السلطة السياسية كان أرقى بكثير في العقود السابقة، على الأقل كانت تعتمد نظرية المؤامرة عندما يتعلق باحداث أكثر جسامة ،كانتفاضة كأكتوبر مثلا ، أو هجوم ارهابي عنيف كهجوم تينقتورين ، لكنها لم تتدنى الى هذا المستوى البليد في تبرير وقائع يمكن أن تجد تفسيرها المنطقي بعيدا عن عامل المؤامرة.هذا ليس مستوى سياسي لسلطة منوط بها ، كما تزعم ، نقل الجزائر الى مرحلة جديدة ، هذا "موت للسياسة" ومستوى يثبت أن السلطة لم تغادر منطقتها في التفكير والتدبير والخطاب ، ولم تقلع عن نفس النهج في تقدير الموقف والوقائع ، وهذه "صدمة" اتصالية خطيرة التداعيات تزرع مزيدا من الشك في السلطة الجديدة وتقتلع شجيرات ثقة على قلتها، وتجعل المواطن الذي يذهب الى مركز بريد لسحب امواله شريكا في المؤامرة من دون أن يدري .دائما يمكن رصد حصول تغيير في السياسات والفعل الحكومي في مستويين ، الخطاب والأدوات ، والجزائريون يشهدون الآن أن الخطاب لم يتغير ، مازال يجتر من قاموس المؤامرة ،ويفتقد الى الصراحة والمكاشفة والاعتراف بالاخفاق أو بسوء التقدير ،(وذلك ليس عيبا) ، ويشهدون أن أدوات البيروقراطية لم تنته ، بل انها تتعزز أكثر وتتضخم في ادارة الدولة، بدليل استحداث مزيد من الهيئات وضخ مزيد من الموظفين الرسميين، وهذا مخالف تماما لحركة الاصلاح العلمي التي تقتضي شفط المؤسسات والهيئات الزائدة وتخفيف الثقل عن الوظيف العمومي وخزينة الدولة، لصالح المبادرة الخاصة.على فرض أن السلطة السياسية تحاول أن تعطي الانطباع بوجود جهة ما، داخل السلطة أو في حواشيها ،من بقايا المنظومة(وليس النظام) السابقة تتحرك للتخريب واثارة القلاقل، وهذا أمر مقلق فعلا ، لكنه يتناقض تماما مع ما تقوم به السلطة من اعادة استدعاء اسماء وموظفين سياسيين وأمنيين محسوبين على هذه المنظومة للعمل.اكبر انجاز حققه الحراك الشعبي هو اعادة احياء "السياسة" لكن سلوك السلطة يدفع نجددا الى "موت السياسة"، بحيث يصبح تفسير الوقائع سهل لا يحتاج الى منطق سياسي سياسي، ولكن الى لسان فاشل يقول بالمؤامرة .السلطة الواثقة تقول من هم المتآمرين ولا تتحدث عن فعلهم ،يتساءل صديقي نصر الدين بن حديد ، لماذا لا ينجح هذا النوع من "المؤامرات" الا في الجزائر فقط ؟، لسبب بسيط هو أن السلطة مغرمة بهذا النوع من "المناورات الافتراضية " واستدراج الناس الي مزارع القلق وحقول الغموض.