نوري دريس ـ سلطة متخلفة أمام شعب حدد مستقبله..
بواسطة 2019-12-01 00:51:55

د. نوري دريس
ما نراه هذه الايام على مواقع التواصل الاجتماعي لحجم المسيرات العفوية الداعمة للسلطة, هو الحجم الحقيقي لعدد المساندين للسلطة في كل المواعيد السابقة منذ 95 الى يومنا هذا
في السابق , انسحب الجزائريون من الخوض بالشأن العام و السياسة , لاسباب كثيرة , فكانت السلطة وحدها في الشارع, تزيف الصورة في التلفزيون, و تحشد في قاعات التجمهر , من لم يستطع ان يقاوم تعسف المدير او رب العمل في اجبارهم على حضور مهرجات مرشح السلطة...
كان الانسحاب طريقة الجزائري في التعبير عن عدم قبوله بشروط اللعبة السياسية الانتخابية, و لان السلطة فككت المجتمع و عزلت الفرد و ذررته, وكسرت كل اشكال و آليات التضامن الأفقي, و عززت ادوات الاستزلام و الاستتباع و الزبننة بالمال و الامتيازات و غض الطرف عن خرق القانون...فان الفرد اتخذ من الانسحاب طريقته في المقاومة و الرفض...
لم يكن الجزائري يوما خاضعا و راضيا عن الوضع...لم يكن يوما سلبيا, بل كان الانسحاب السلبي طريقته الوحيدة في التعبير عن موقفه ورأيه
كل الشعبية التي كان يروج لها النظام لاحزابه ورئيسه كانت زائفه مثل تلك التي نشاهدها اليوم كلنا على وسائل التواصل الاجتماعي, و التي رغم انفضاحها لا يزال النظام الحقار يصر على الاعتماد عليها في تلفزيونه الذي لم يعد احد يتابعه او يصدقه...
ان الجزائري الذي قاوم الاستعمار بايد فارغة, منذ الرومان الى الفرنسيين, لا يمكن ان يكون خاضعا انثروبولوجيا و حتى ثقافيا لنظام يعيش على الكذب, الحيلة و الانكار...لا يمكن للجزائري المقاوم, ان يكون بتلك الصورة و الاوصاف التي كان يرميه بها مثقفوا البلاطوهات, و الكتاب الباحثين عن النجومية...
لا يمكن للحزائري الذي حافظ على وطنه وهويته و كرامته طيلة 130 سنة من الاستعمار المدمر ان يتحول فجأة الى خانع او راكع او مذل ...
ليس هنالك شعوب خانعة او مذلولة..فقط هنالك فترات تمر بها الشعوب لا تحوز فيها على وسائل المقاونة الجماعية, و فترات اخرى يرشدها حدسها الجمعي و ذكائها الجماعي الى تحسس الطريقة المناسبة للمقاومة و التعبير عن الرفض...تلك السنوات التي أعقبت العشرية السوداء عرف الذكاء الجزائري الجماعي كيف يقرءها, ووجد في الانسحاب و الرفض بالانسحاب طريقة مثلى لنزع الشرعية عن النظام و دفعه الى التآكل من الداخل من جهة, و حماية الجزائر من الانحراف نحو الدم و الدمار من جهة أخرى...
اليوم تحسس الجزائري ضرورة تغيير شكل الرفض و المقاومة..فانتقل من الانسحاب و المقاومة السلبية الى المطالبة بتغيير قواعد اللعبة السياسية و طريقة تسيير الدولة...
اصرار الحزائري على رفض الانتخابات هو تعبير منه على رفضه لاستمرار تزييف شعبية النظام من خلال التحكم في قواعد اللعبة الانتخابية من جهة, و التحكم في الصورة التي تبثها وسائل الاعلام و الدعاية من جهة أخرى..
السلطة خسرت الشارع منذ الاستقلال, و لكن تحكمها في الاعلام و انسحاب الجزايري من الساحة جعلها تصنع شرعية زائفة دون مقاومة
اما اليوم, فالسلطة خسرت الشارع, و خسرت الإعلام, وتريد وتصر على فبركة شرعية زائفة بنفس ادوات ماقبل التعددية!!!....هذا خطير, لا اخلاقي و عمل معاد للوطنية..
شوهد المقال 99 مرة
التعليقات (0 تعليقات سابقة):
أضف تعليقك