رضوان بوجمعة ـ أحزاب الغلق و المجتمع المفتوح
بواسطة 2019-07-07 01:31:23

د. رضوان بوجمعة
ستولد الجزائر الجديدة بوعي سياسي جديد، وبوعي وطني ذكي يعترف بالاختلاف والتنوع، ويقطع نهائيا مع منطق العصبة والعصبية والشبكة والزمرة.
هذا الوعي سيترك أثرا، ويحدث القطيعة مع كل القيادات الحزبية التي تتاجر بالإسلام، وتتشدق بالوطنية، وتدعي الحداثة، وهي في ممارستها لا تمت بصلة إلى روح الإسلام، ولا إلى حب الوطن ولا إلى فلسفة الحداثة.
هذه القيادات الحزبية التي في غالبيتها الساحقة هي امتداد لمنطق السلطة، وتابعة لمخابرها، وتعيد إنتاج المنظومة داخل أحزابها وبشكل أبشع في بعض الأحيان مما تقوم به أجهزة السلطة.
هذه الأجهزة الحزبية، منذ بداية الثورة السلمية، تختفي تارة وتحاول ركوب الثورة تارة أخرى، وفي كل مرة تعطي مؤشرات التخبط.. وهو تخبط مرتبط عضويا بتخبط السلطة، لأن غالبية هذه الأجهزة الحزبية ألفت السير سياسيا وفق ورقة طريق تحددها المخابر المظلمة، بشكل يعطي لكل واحدة منها مجالا تتاجر به بغاية إعطاء انطباع بوجود تعددية، بين من يرفع راية الإسلام، ومن يتاجر براية الوطنية، ومن يحمل راية الحداثة، وهي في واقع الأمر لا تقوم بإنتاج الأفكار بل تسعى لإنتاج نصوص تهدف لصناعة الخلافات وتأجيج صراعات تمنع بناء التوافقات لبناء الدولة وحماية الأمة.
هذه الأجهزة الحزبية أصبحت اليوم لا تشكل جدارا أمام طموحات الثورة السلمية فقط، بل تساهم في زرع الألغام في طريق استمرارية الأمة وتماسك نسيجها الاجتماعي، لأن صناعة الفرقة والتقسيم والتأجيج في المجتمع هي مسألة نسقية بالنسبة لها، وبقاء منظومة الحكم الحالية وتجديدها هو شرط أساسي لضمان بقائها.
فبين قيطو البديل الديمقراطي الذي يرتبط الكثير من قياداتها بجزء من عصب المنظومة، وقيطو ندوة الحوار الذي ضم قيادات أخرى من تيارات تحمل تسميات أخرى من المؤكد أنها على علاقة بشبكات وعصب وعصبيات أخرى، يبقى المجتمع بكل تنوعاته الاجتماعية والعمرية والمهنية والفكرية اليد في اليد منذ 22 فيفري الماضي، ويسير في طريق دفن كل المنظومة وغرس بذور الوعي السياسي والوطني الجديد الذي يبني الدولة ويوحد الأمة ويقطع نهائيا مع العصب والعصبيات وانتخابات الكوطة وتعيين الرؤساء.
إنها الجزائر الجديدة التي لا يمكن أن تبنيها الآليات والقواعد والقيادات الحزبية القديمة التي صنعتها مخابر بلخير وتوفيق واسماعيل العماري ومحمد تواتي، لأن هذه القيادات تابعة لمنطق الغلق والشقاق والنفاق، والأمة الجزائرية اليوم تسعى لبناء المجتمع المفتوح، والصريح والمتسامح.
ملاحظة :
سنقوم بنشر سلسلة الجزائر الجديدة للدكتور رضوان بوجمعة وهذا المقال كان رقم 44
شوهد المقال 761 مرة
التعليقات (1 تعليقات سابقة):
أضف تعليقك