رياض حاوي ـ ما هي رؤية الجيش الجزائري للخروج من الأزمة؟
بواسطة 2019-04-27 23:41:59

د.رياض حاوي
لا اعتقد أن الإشكالية اليوم هي وقوف الجيش مع الحراك أو ضده
المسألة حسمت..
الجيش حسم أمره ورفض قمع الحراك الشعبي لصالح العصابة.. ودفع بوتفليقة ثمن وقوف الجيش ضده..
المشكلة تكمن في سؤال آخر:
ما هي رؤية الجيش للخروج من الأزمة؟
هل الجيش يملك رؤية طويلة المدى؟
أم كعادة المؤسسات الجزائرية يتخبط من موقف لموقف ويعيش حالة ردات الفعل؟
خطابات قائد الأركان فيها تخبط؟ ويكفي المقارنة بين خطاب الثلاثاء والأربعاء الماضي حتى نشعر أن الفريق المحيط به والذي يسهر على الخطابات غير مدرك لحساسية خطابات قائد الأركان في صناعة الهدوء وتطمئن الرأي العام...
المخرج الدستوري الذي دعمته كثير من القوى الوطنية وتبنته المؤسسة العسكرية تآكلت آجاله.. ولبكل استغراب أسجل أن المؤسسة لم توفر له شروط كافية حتى يتبلور المسار الدستوري واستسلمت لكل الألغام التي تركها بوتفليقة لتنفجر في المسار السياسي منذ طرده من شدة الحكم..
*ضيع الجيش ما قبل استقالة بوتفليقة لفرض خارطة طريق للمسار الدستوري وهو ما عبر عنه عميمور الاستقالة المستعجلة
*استقال بوتفليقة وترك الغام بدوي بلعيز و بن صالح وكان يمكن ترتيبها قبل طرد بوتفليقة
*ضيع الجيش استقالة بلعيز وكان البديل باهت يعكس محدودية في تصور المآلات وجعل الطبقة السياسية تستغرب هذا التصرف الغريب..
*ضيع الجيش شهرا من الآجال الدستورية وهي ٩٠ يوم ولم يبق منها سوى ٦٠ يوما وقاطعت الطبقة السياسية بقايا العصابة
*أخطر نقطة هي رفضه التواصل مع الطبقة السياسية الا عبر بقايا العصابة... وهو ما رفضه الحراك..
الجيش انكمش على نفسه مثل القنفود وأخرج الشوك ولم يعد ايا كان قادر للتواصل معه..
وكان يمكنه تشكيل لجنة حوار مستقلة يعينها بن صالح ويعطي لها الجيش آجالا للخروج من الفراغ المؤسساتي.. لجنة حوار تكون مخرجاتها ملزمة.. حتى ببقاء بن صالح...
لكنه لحد الساعة غير قادر على تفكيك الألغام الدستورية التي تركها بوتفليقة في طريق للمسار السياسي السليم..
واكبر لغم عجزه عن توفير شروط لتشكيل لجنة مستقلة للانتخابات...
الجيش لم يوفر لها أية شروط موضوعية لإجراء انتخابات قادرة على التعبير عن رأي الأغلبية الشعبية... لم يبذل أي جهد لحد الساعة...
ولا أعتقد أن هناك عاقل سياسي يمكنه أن يناقش الموضوع مع بدوي.. بدوي الذي هو جزء من مشروع الخامسة فاقد للبعد الأخلاقي للإشراف على انتخابات بأي شكل... وهذا ما يبدو أن قيادات الجيش عاجزة عن استيعابه...
ولذلك وفي غياب أي بوادر للتواصل مع الطبقة السياسية بمختلف مكوناتها تحوم الشكوك ويزداد منسوب التوجس من طبيعة الرؤية السياسية للجيش..
هل الجيش له رؤية سياسية وخارطة طريق واضحة؟
أم هو يجرب يخطر ويصيب...؟
هنا سأغامر بطرح فرضيتين:
الفرضية الأولى
الجيش عاجز عن تقديم خارطة طريق متوازنة للخروج من المأزق السياسي وكان يتصور أن التمسك بالدستور كفيل بتوفير شروط الحل...
لكنه بكل أسف لم يدرك طبيعة الألغام التي تركها أمامه بوتفليقة في الميدان وضيع الوقت في إبطال مفعولها...
وقد علق بن بيتور بذكاء انها عهدة خامسة بدون بوتفليقة لان السعيد اقترح ندوة فقام بن صالح بتنظيم ندوة في شكل سيرك سياسي..
وللأسف الجيش يتفرج على هذا التهريج ولم يحرك ساكنا
وكانت النتيجة أن هذا التهاون في إدراك خطورة الغام بوتفليقة بدأ يأكل من رصيد الجيش أمام الرأي العام الوطني..
ووفر الشروط الموضوعية الكاملة للشك في مدى فهم واستيعاب القيادة العسكرية الرهانات السياسية وطبيعة الآجال القانونية
وكان يمكنها تلافي هذا المأزق ولو بالحفاظ على بن صالح ودون رئاسة جماعية وبمجرد تشكيل لجنة حوار كاملة الصلاحية في إدارة التوافقات السياسية.
لجنة الحوار التي تقلل الصعوبات امام العودة للمسار الانتخابي وبناء شرعية المؤسسات..
الفرضية الثانية:
*******
ان القيادة العسكرية تريد تآكل الآجال الدستورية؛ وقد تآكلت فعلا؛ مثلا لا احد يعرف هؤلاء المترشحين وعددهم أربعين ساحب الاستمارات باستثناء لغديري؛ وبقي شهرين على أجاب الانتخابات من ضمنها تحصيل التوقيعات والقيام بحملة انتخابية.. فهل الجيش غير مدرك لتآكل الآجال...
هذا ما لا تتصوره . لأنه في حكم البديهيات..
ولذلك أصبحت اميل إلى فرضية أن القيادة تتعمد على ترك الآجال تتآكل الحل الدستوري يصبح غير ممكن.. أي أنها تبحث عن الفراغ الدستوري لإطلاق يدها اكثر في استكمال مشروعها الذي تقول إنه بدأ منذ ٢٠١٥..
بعد ١٥ يوم فقط يصبح بن صالح في حكم غير الموجود وبدوي مكسور لان مهمته تنتهي في ٤ جويلية.. والانتخابات اصلا في حكم المعدوم...
والحل هو إعلان دستوري الذي سيبقى أمام الجيش يدير من خلاله المرحلة الانتقالية.. بطريقته...
الجيش الذي يملك كل الإمكانات لتفكيك الألغام يدعم المسار الدستوري شكلا ولا يوفر له أي دعم موضوعي أو ميداني.. وبن ك الآجال الدستورية تتآكل..
بل حول المسار الدستوري نفسه إلى سبب جديد لاستمرار الحراك وبث روح الشك والريبة
رجاءا
هل هناك تفسير آخر
شوهد المقال 650 مرة
التعليقات (0 تعليقات سابقة):
أضف تعليقك