مخلوف عامر ـ "خاوَة، خاوَة" إلى متى؟
بواسطة 2019-04-12 01:08:15

د.مخلوف عامر
حماية التراب الوطني لا تقتصر على المؤسَّسة العسكرية، وإنَّما تتحقَّق في أسمى دلالاتها عندما يشكِّل الجيشُ والشعب لُحْمة واحدة ويشعر المواطن بأنَّه جنديٌ على استعداد دائم للدفاع عن الوطن.لكنَّ الشَّرْط الأساسي للتلاحم، لا يمكن أنْ يكون له امتداد في الواقع العملي، إلا إذا تَعزَّزت الثقة بيْن الطرفيْن.وقد ظهرت بوادر هذه الثقة في بعض تصريحات قائد أركان الجيش حين يؤكِّد على مرافقة الحَراك وتحقيق مطالبه كاملة غير منقوصة.
لكن حين يَحْصر هذه المرافقة في الجانب التقني للمادة 102 و ُيساير الإجراءات الاستفزازية الأخيرة وكأنَّها تُمثِّل المرحلة الانتقالية المنشودة، ويصف المطالب بأنَّها تعجيزية،فإنَّه يُنْبئ عن قَدْر من التراجع من شأنه أنْ ينسف الثقة المأمولة من أساسها.
فإذا كان قائد الأركان قد اعترف بأنَّه الشعب يُواجه عصابة غير دستورية،فمن باب أوْلى أنْ يكون حاسماً في موْقفه إلا إذا كان هو –بدوْره- لم يتطهَّر تماماً من إرْث الفساد الذي خلَّفه الرئيس السابق وعشيرتُه. فالانحياز إلى الشعب ينبغي أنْ يتـمَّ قوْلاً وفعلاً، ما يسمح بتعميق الثقة ليس بيْن الجيش والشعب وحسب،بل بيْن مكوِّنات المؤسَّسة العسكرية نفسها.
فأمَّا، إذا غابت الثقة أو لمَسَ المواطن خِدْعة ما، فإنَّ الحديث عن التهديدات الداخلية أو الخارجية لن يعود بالنسبة إليه سوى ضرب من الخطاب الديماغوجي الذي طالما استعملتْه السلطة للتغطية على ممارساتها المُنْحَرِفة.
لذلك، فإنَّ أمام قيادة أركان الجيْش فرصة تاريخية لتأكيد التلاحم وتكريسه،لأنَّ أيَّة ذريعة لا تَصِحُّ مبرِّراً لتزكية رموز الفساد ومرافقتهم فيما لم يقدروا عليه في الماضي ولن يقْدرا عليه في المستقبل.
فأمَّا حديث قائد الأركان عن (سوناطراك والخليفة والبوشي)فهي قضايا يعرفها منذ زمن، وليست من الأوْلويات اليوم،وقد يكون من المُسَكِّنات لا أكثر، لأنَّه عملٌ طويل يستوْجب دراسة معمَّقة للملفَّات ووجود عدالة مستقلَّة، ثمَّ إنَّ 90 يوماً لن تكفي أبداً لمرحلة انتقالية جديرة بهذه التسمية، ناهيك عن أنَّ القائمين عليها مرفوضون أصْلاً وفصْلاً.
ولا مجال لتحييد الجيش عندما يتعلَّق الأمر بمصير الوطن، ولو أنَّ بعض الأصوات تدعو إلى ذلك لأنَّها أصواتٌ اعتادتْ على معاداة الجيش بتعصُّب زائد، وبمزايدة على الناس في الوطنية وحب الوطن.
أقول هذا كلُّ أملي ألاَّ نرى بعد هذه الجمعة ما أُسمّيه "الوَباءات"التي خَرَّبتْ البلاد، وهي الآن تنتعش من جديد مُنْتشيةً باستفزاز ملايين المواطنين والاستخفاف بهم.لأنَّ العصابة الفاسدة حَكَمَتْ بلا دستور، وهي الآن تَرْبح أكثربالحِرْص على التطبيق الحَرْفي للدستور، وتَغْييب الشطْر السياسي الذي هو روح الدستور..
شوهد المقال 570 مرة
التعليقات (0 تعليقات سابقة):
أضف تعليقك