فضيل بوماله ـ جامعة "جيل بوتفليقة" بين المسخ وصناعة الجهل
بواسطة 2018-05-09 05:08:02

فضيل بوماله
هكذا أفكر/ خلف الصورة
الى غاية مطلع التسعينيات، ظلت الجامعة الجزائرية فضاء محافظا الى حد كبير على رسالته البيداغوجية التكوينية المطبوعة بكثير من "الحرمة" و"الجدية" ومحاولة التوفيق بين الدمقرطة العددية والنوعية الأكاديمية. كما ظلت، رغم شروخ التحولات التي مست اتجاهات السلطة بين عهدي بومدين والشاذلي رحمهما الله، حاملة لتصورات و خيارات أيا كانت طبيعتها. وعلاوة على ذلك، حافظت الجامعة ،في كثير أو قليل، على روحها ورمزيتها بل ومركزيتها في كثير من القضايا الكبرى. وفي هذا الباب تحديدا، كانت الجامعة مشتلة إيديولوجية تشكلت في داخلها حركات طلابية نوعية اتسمت بالراديكالية والمشاركة الفاعلة في صناعة الخطاب السياسي وتوجيهه والتأثير عليه. ورغم استراتيجيات الحزب الواحد( حزب جبهة التحرير الوطني الذي لا يزال مستمرا الى اليوم في أرذل صوره) و منظومات التاطير من قبل البوليس السياسي إلا أن الجامعة عموما والحركات الطلابية خصوصا دافعت عن استقلاليتها وحريتها بل وتصادمت مع النظام ووجوهه حتى داخل الحزب أو في مرحلة الاصلاح وما بعده بقيادة محمد الصديق بن يحي رحمه الله.
منذ العشريتين الاخيرتين، ظهرت على الجامعة مظاهر التدمير البيداغوجي وتحطيم منظومة التدريس وتمييع رمزية الجامعة واستباحة حرمتها واختراقها الكلي سياسيا وأمنيا ومن عصب المصالح والفساد. وضع نقل المعارف جانبا واغتيل التفكير وتحولت الجامعة إلى فضاء للموظفين ومنتجة للباحثين عن وظيفة. ورغم النفقات الكبيرة في قطاع التعليم العالي( مظهر من مظاهر الإدارة بالفساد) ورغم تفريخ الجامعات والمدارس العليا إلا أنها ظلت رسما بلا روح ومعول هدم لأجيال بأكملها. وهنا، نستطيع القول إن الجامعة الجزائرية لم تشهد دمارا "مبرمجا" كهذا الذي تشهده وحتى مقارنة بوضعيتها في التسعينيات أثناء الحرب الأهلية.
أما الحركة الطلابية، الحزبية الأمنية المالية، فصارت شريكا مباشرا في الهدم البنيوي الذي تعيشه الجامعة حيث انهارت منظومة التكوين و تحطمت العلاقة بين الطالب والاستاذ و مثيلتها بين الأستاذ والإدارة والوزارة. وتم اختراق الجامعة وضربها في أحشاءها حتى صارت وكرا كبيرا من أوكار الفساد و بؤرة فعلية لمقاومة التغيير في المجتمع والسلطة ووعاء لإعادة إنتاج خطاب النظام وصناعة الولاء والجهل.
هنالك مقاومات فردية وأخرى شبه جماعية لإنقاذ ما تبقى إنقاذه لكنها صارت تُواجه بمنظومتي البولسة والقضاء بهدف تفكيك أصوات الرفض و الارادات الجدية وتقليم أظافرها.
ما يسمى بمنتوج "جيل بوتفليقة" داخل ما يسمى بالحركة الطلابية ما هو إلا زبدة ذلك التفسخ واستنساخ مخبري لذهنية حزب جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي وحركة مجتمع السلم،الخ. وفي هذا الباب، يمكن الحديث عن جيل أويحي أو جيل أبوجرة سلطاني وجمال ولد عباس(جوع) بدون أي حرج.
إن تدمير الطالب والاستاذ و الإدارة الجامعية والمنظومة البيداغوجية والعلمية تبليغا وإنتاجا برمجة حقيقية لتدمير المجتمع بكل منظوماته وتشبيكاته من جهة و تدمير استباقي لاي بناء محتمل في الخمسين سنة القادمة.
وعليه، فلا عجب أن يشرف جمال ولد عباس(جوع) على تأطير "جيل بوتفليقة" بكل أدوات الترغيب والاغتصاب..ولا عجب أن يدعمه في ذلك الاغتصاب الرمزي وزير التعليم العالي نفسه، الطاهر حجار، وهو الموالي لحزب جبهة التحرير أخا عن أخ.
نهب الثروات وتحطيم الانسان، تزييف التاريخ ورهن المستقبل، اغتيال العقول وكسر السواعد. كل هذا من أجل نظام مفلس واحد ورجل"محتضر" واحد.. المهم استمرار العصبة وحكم العصابات.
إنه،لعمري، المسخ وصناعة الجهل! أما بعد...
شوهد المقال 1210 مرة
التعليقات (0 تعليقات سابقة):
أضف تعليقك