وليد عبد الحي - ايران والسعودية وأزمتهما الانتقالية
بواسطة 2015-08-30 23:31:15

أ.د.وليد عبد الحي
بعد أن تمكنت إيران من فك قدر كاف من تعقيدات علاقاتها الخارجية مع الدول الغربية تحديدا، يبدو لي أن مشكلتها الداخلية في بعدها السياسي تتمحور حول بعد مركزي يتمثل في ما بعد خامنئي الذي يجلس على كرسي السلطة الأعلى منذ 1989( اي منذ 26 سنة مما يجعله الثاني بعد قابوس في طول الحكم في الشرق الاوسط) ، ويبلغ من العمر حاليا 76 سنة في بلد معدل عمر الرجال فيه هو 72 سنة، ويعتقد أنه يعاني من سرطان البروستات(طبقا لتقارير غير مؤكدة).
معلوم أن من ينتخب المرشد الأعلى هو مجلس الخبراء (86 عضوا)،لكن هذا الانتخاب ليس بمعزل عن "كواليس" النخب من ناحية وكواليس المؤسسة العسكرية لاسيما الحرس الثوري من ناحية أخرى، ورغم تداول الاسماء المحتملة( مجتبى ابن خامنئي (46 سنة) ، أو محمود هاشمي شهرودي (67 سنة)، ناهيك عن آخرين لكنهم متقدمون في العمر مثل مصباح يازدي( 81 سنة) و محمود يازدي(84 سنة) أو مهدوي كني( 84 سنة)، خلافا لخامنئي الذي تولى سلطاته وهو في حدود خمسين عاما.
هل النظام السياسي الإيراني من المرونة الكافية والعقلانية لتجاوز هذه الازمة القادمة لا محالة ولو بفعل القانون الطبيعي؟ لا جدال في أن النظام يقع ضمن النظم السلطوية في اغلب مقاييس الديمقراطية، فهو يسجل 18 نقطة من 21 على مقياس الاستبداد السياسي( حقوق الانسان، الحريات المدنية، الديمقراطية، الفعالية الحكومية...)، لكن التاريخ السياسي المعاصر لهذه الدولة يشير إلى توازنات قد تفضي إلى شخصية فيها ثلاث سمات: أكثر براغماتية ، وفي عمر معقول، ولكنه قريب من الحرس الثوري بطريقة أو أخرى، وإلا فإن البديل مجلس بدلا من المرشد ، أو الغاء للمنصب من أساسه، او يقوم خامنئي بترشيح أحد حالما يستشعر قرب النهاية( ومن خلال ترتيب الامر مع مجلس الخبراء)، أو ان تدب الفوضى وهو الاحتمال الاضعف بين كل الاحتمالات.
اما في السعودية فمن الصعب الحديث عن نظام سياسي بالمعنى القانوني او ما تتداوله الدراسات الأكاديمية، فنحن أمام نظام حصل في مقاييس الاستبداد السياسي على 21 نقطة من 21 نقطة ، وتسيطر العائلة على حوالي 32 % من المناصب الحساسة في الوزارات والإدارات المحلية، ناهيك عن مجتمع تسيطر عليه ثقافة غيبية في معظمها وليس فيه تنظيمات سياسية وتغمره نزعة استهلاكية طاغية وتخلف اجتماعي عميق.
ذلك يعني ان الانتقال السياسي في السعودية سيبقى للمدى المنظور في نطاق الأسرة، لكن المخاطرة في الانتقال هي في "انقلابات القصور"، والتي يعرف الخليج العربي تاريخا حافلا به وعرفت السعودية بعض ملامحه في العامين الماضيين، ناهيك عن صراع الأجيال بين نخب حاكمة قديمة (بعضها بالكاد يستطيع القراءة) وبعضها تخرج من أفضل الجامعات في العالم، مضافا لذلك كله ضغوط البيئة الدولية نحو مزيد من الانفتاح والانغماس في ثقافة الحداثة أو ما بعدها ، وهو ما يعني الخضوع لحتمية التغيير عاجلا أو آجلا بخاصة مع كل تداعيات الأزمات الاقليمية الضاغطة والتي قد تجعل عملية صنع القرار السعودي ميدانا مفتوحا لقدر أكبر من تباين التقديرات داخل الأسرة الحاكمة لا سيما بين الحرس "ما قبل القديم" والحرس ما " بعد الجديد"....ربما
شوهد المقال 2279 مرة
التعليقات (1 تعليقات سابقة):
تلك هي ايران
أضف تعليقك