وليد عبد الحي - الأناشيد الوطنية "غير العربية"
بواسطة 2015-08-09 01:00:14

أ.د.وليد عبد الحي
من بين الطقوس التي تستخدمها الدول في اغلب المناسبات هو عزف النشيد الوطني،وهو أمر بدأت ممارسته منذ ما بعد القرن السادس عشر في هولندا ثم اليابان، ولكني عندما قارنت بين النصوص والموسيقى لهذه الأناشيد وجدت ما يلي :
أولأ: قلة من الأناشيد تتضمن بطريقة أو أخرى دعوات إلى الله أو إشارات دينية ،ولكن البعض منها يخلو تماما من الإشارة إلى الله أو الدين تماما ، فعلى سبيل المثال:
أ- النشيد الروسي يتضمن تعبير "ليحميك الرب" يا روسيا، بينما يتضمن النشيد الكوري عبارة " الرب سيحمي أمتنا ويبقيها"، ويبدأ النشيد البريطاني ب" ليحفظ الله ملكتنا الكريمة" وفيه أيضا " أللهم احفظنا جميعا""
ب- بعضها يشير للجانب الديني بطريقة ضمنية مثل: إيران حيث يقول في مقطع منه " لتنير أبصار المؤمنين بالحق..باهمان رمز إيماننا، رسالتك أيها الإمام هي الحرية والاستقلال منقوش في أرواحنا"، وكذلك إسرائيل يقول نشيدها " ما دام في عمق القلب روح يهودية تهتز،ومتجهة نحو الشرق ،عين تنظر على صهيون،أملنا لم يضع بعد، ذلك الأمل القديم عمره ألفي سنة، للعيش كشعب حر في أرضنا ..ارض صهيون وأورشليم"، وفي الأرجنتين يبدأ النشيد ب " اسمعوا الصرخة المقدسة..حرية ..حرية..حرية"
ثانيا: كل الأناشيد تمجد الذات بطريقة أو أخرى، يقول النشيد الإسباني " تحيا اسبانيا،ارفعوا أذرعكم أبناء الشعب الذي عاد للظهور،المجد للوطن الذي عرف طريق الشمس،المطارق والعجلات تغني على إيقاع نشيد الإيمان..غنوا واقفين ..حياة جديدة". أما في الأرجنتين يقول نشيدها "اسمعوا ضجيج تحطيم القيود،شاهدوا تتويج عرش المساواة، العرش المبجل قد فتح، سلام لشعب الأرجنتين العظيم" ، اما الأمريكي فيه فخر بالقوة فهو يقول" قولوا لي هل تستطيعون في وهج الفجر رؤية تلك الخطوط العريضة والنجوم الساطعة ترفرف فوق أسوارنا بكل فخر، ووهج الصورايخ والقنابل تثبت لنا أن راياتنا ما تزال هناك ، قولوا ما زال العلم ذو النجوم يرفرف فوق ارض الحرية وموطن الشجعان".
أما الصيني فتشتم فيه رائحة أقوال ماوتسي تونغ فهو يقول" دعنا بلحمنا ودمنا نبني سورنا العظيم الجديد، بينما تواجه الصين خطرها الأعظم، إلى ألأمام ،إلى الأمام، كل واحد سيزأر نداءه الأخير.. نحن ملايين ولكن قلبنا واحد..نحن من أوقف نار العدو".
وبنفس النهج يقول النشيد البرازيلي" سمعت من الضفاف الهادئة دوي صرخة شعب بطل.." ويقول في نهايته " تألقي يا برازيل يا طوق أمريكا".
ثالثا:بعض الأناشيد الوطنية يشير للحاكم ويمجده ، فمثلا اليابان يقول نشيدها " ايها الحاكم ندعو لك بالمجد..أن يدوم للآلاف ..ثمانية آلاف جيل..حتى يتحول الحصى إلى صخر ، ويكتسي الصخر بالعشب."،وتنفرد بريطانيا بطغيان الملكة في نص النشيد ، يقول النشيد مثلا" ليحفظ الله ملكتنا الكريمة...لتعش ملكتنا حياة طويلة..ليحفظ الله الملكة...أرسلها منتصرة..سعيدة وماجدة.." ثم يقول النشيد موجها الطلب إلى الله " بعثر أعداءها،واجعلهم يسقطون ،أحبط أحابيلهم".
رابعا: بعض الأناشيد الوطنية تميل نحو التغني بجمال البلاد: يقول النشيد الروسي " من بحر الجنوب إلى أرض القطب ..مفروشة بالغابات والحقول ،فريدة أنت في العالم يا بلادي"، والنشيد الكوري الجنوبي يقول" الأنهار والجبال مكسوة بورد الشامان(وهو ورد يعتقد الكوريون أنه يحمي من الخطر).
لكن أجمل كل هذه الأناشيد التي سمعتها وقرأت نصوصها بالانجليزية هو النشيد الهندي، وشعرت بأنفاس بوذا في أعماق النص ،فهو نشيد فريد في موسيقاه وفي مضمونه، بل يثير الاستغراب ،يقول النشيد (ولاحظوا بداية النشيد):
" أيها الفن..يا حاكم عقول الناس..يا من بيدك مصير الهند...اسمك يتردد في (وهنا يعدد النشيد أسماء الولايات الهندية الكبرى)..اسمك يتردد صداه في الهملايا..ممتزجا بعزف يامونا والغانج (أسماء الانهر)،..ويرتل من أمواج بحر الهند..يصلون من أجل بركاتك ..انقاذ الناس معلق بيدك..."
أما النشيد الألماني فتستشعر فيه انفاس هيغل ونيتشة وغوتة.. ،إذ يقول " الوحدة..العدالة ..الحرية..نتطلع لتحقيقها بأخوة القلب واليد، ازدهر يا وطني في هذه السعادة المشرقة."
شوهد المقال 1087 مرة
التعليقات (0 تعليقات سابقة):
أضف تعليقك