بوشن فريد - الدياراس ( المخابرات ) من يحكم في الجزائر
بواسطة 2015-05-21 16:32:03

بوشن فريد
كشف التعديل الحكومي الذي قام به الرئيس بوتفليقة, الخميس الفارط, النقاب عن تلك الفرضية التي تقر بوجود خلل خطير داخل منظومة الحكم في الجزائر, و كما أبان هذا البريكولاج الحكومي أن القائمين على زمام الأمور في الرئاسة, غير متحكمين في صناعة القرار لوحدهم, و أن هناك جهات نافذة و متوغلة في اختيار من يمثلها سياسيا.
أظهرت التركيبة الحكومية الجديدة التي صاغها الرئيس بوتفليقة, فراغا تكتيكيا يوحي من جهة التحليل السياسي و حتى الدستوري, أن بوتفليقة أضاع تقنيات الاختيار و تعمد اختيار طريقة الارتجال في بناء الحكومة الجديدة, و التي عرفت وجوها غير مألوفة, يقال عنها أنها من خيرة الإطارات التي تتمتع بها الإدارة الجزائرية.
و ما زاد الطين بلة, ذلك التصحيح و الاستدراك المخزي الذي لمس الحكومة الجديدة, بعدما الخطأ الفادح الذي وقع فيه الرئيس بوتفليقة, إذ قام بإنشاء حقيبتين وزاريتين للخارجية, و هذه العبثية إن دلت على شيء فهي تدّل على أن حاشية بوتفليقة لم تعد تدري ما تصنع, فلا يعقل أن يرتكب مثل هذه الأخطاء في دولة تملك مؤسسات شرعية و رئيسا صاحب رؤية و مشروع و بصحة جيدة, فلو حدث هكذا خطأ في الدول التي تحترم مفهوم المسؤولية و لها شرعية كاملة, لبدأت الاستقالات الطوعية تطرب أدراج الرئاسة, و لكن ليس هذا حال القائمين على تسيير بلادنا, فالاستقالة طوعية عند المسؤول الجزائري ضرب من الخيال و غائبة في قاموسه, لذا ليس من العيب في شيء اكتشاف حكومتين في رئاسة جمهورية واحدة و في بلد واحد.
تفاصيل خياطة هذه البذلة الحكومية الجديدة, تكشف الحجاب عن السؤال الذي كان يُطرح بقوة منذ مدة طويلة, " من يحكم في الجزائر؟ ", فيكفي طرح سؤال بصيغة مختلفة للإجابة عليه, كيف للوزراء الذين فشلوا في الحكومة أن يتم تحويلهم إلى رئاسة الجمهورية؟.
إن للتوازنات بين دوائر صنع القرار دورا في كل هذه التعيينات, و أن لجماعة الدياراس القوة المطلقة في عملية التعيين و التغيير, عكس ما كان متداولا في الفترات الماضية أن الاستخبارات الجزائرية لم تعد بنفس النفوذ على ما كانت عليه قبل اعتلاء الرئيس بوتفليقة سدة الحكم سنة 1999, بعد تلك الإصلاحات العميقة التي أحدثها بوتفليقة داخل البيت البوليس السري, فمن غير الصدفة أبدا أن يُقال وزير في الحكومة و يعيد تعيينه مستشارا للرئيس, و وجه الغرابة في هذه الشعوذة السياسية لبوتفليقة يتجلى في هذا التساؤل: " حسب الأعراف العالمية في ممارسة السلطة بأبجديات الدستور, أن إقالة مسؤول ما تأتي بعد فشله أو إخفاقه في المهمة الموكلة له, و يتم تنحيته و تبديله بآخر أكثر كفاءة و مسؤولية, إذن لماذا فقط في الجزائر يتم إقالة وزير من منصبه و يحظى في فترة وجيزة بمهمة سامية تفوق المهمة الأولى؟ ".
فلو لم تكن هناك لمسة من الدياراس, صاحب القرار الأوفر حظا في التطبيق, لما أعاد الرئيس تغيير حكومته في ظرف أربعة أيام, و ما استجاب لأوامر و رغبات رجال حكم و القرار خلف الستار, و بطبيعة الحال كان لبوتفليقة القدرة في الرفض لو كان على دراية لما يحيط به, و يتمتع بصحة جيدة, فمعروف عنه بأنه صاحب ذهنية تسلطية و انفرادية في صناعة القرارات يوم كان قادرا على فرض ما يقوله, و هذا العجز يعطي لأحزاب المعارضة في الجزائر الحق في طلب تطبيق المادة 88 من الدستور, التي تؤكد عجز الرئيس في أداء مهامه الدستورية, و من ثم المرور إلى المرحلة الانتقالية الإجبارية.
من زاوية السياسة, ما أقدم عليه الرئيس بوتفليقة يمكن تصنيفه في كتاب قينيس للمسخرة, و على أنه عبث في عبث, و لا يعطي انطباعا على أن الجزائر يحكمها رئيس شرعي و قادر على الوفاء بالوعود التي قدمها للشعب الجزائري خلال أدائه اليمين الدستورية الأخيرة, بعدما زكته مختلف العصب المتناحرة داخل النظام بعهدة رابعة, فقط لضمان استمرارية في حماية مصالحهم و مواقعهم لا غير.
من يحكم في الجزائر؟ سؤال غبي كان من الأذكى لو لم تطرحه أحزاب المعارضة في الجزائر, فيكفي العودة إلى إعادة النظر في طريقة انقلاب العسكر على ذوي البذلة السياسية بعد خروج فرنسا عسكريا و بقائها سياسيا.
bouchen99@yahoo.com
شوهد المقال 3253 مرة
التعليقات (0 تعليقات سابقة):
أضف تعليقك