وليد عبد الحي - حقوق الإنسان في "ورق السلوفان"
بواسطة 2015-05-09 03:45:48

أ.د. وليد عبد الحي
عند مراجعتي لمقاييس حقوق الإنسان التي تصدرها مؤسسات غربية ودولية( مثل الأمم المتحدة، مؤسسة Maplecroft، أو Observer أو الإيكونوميست وغيرها) لفت انتباهي أن المؤشرات المستخدمة في القياس تنطوي –رغم استخدامها مفهوم الإنسان- على نزعة " مركزية غربية" ترى العالم من زاوية منظومة قيمها.
فالمؤشرات التي يتم القياس على أساسها تصل إلى 88 مؤشرا في بعض المقاييس،واقلها 12 مؤشرا، تغطي طيفا واسعا من حقوق الإنسان التي تتردد في معظم فقرات العهود الدولية منذ 1948، وتشمل الحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
لكني لاحظت –طالما أننا نتحدث عن الإنسان لا عن المواطن- ،أي أننا متحررون من الحيز الجغرافي ممثلا في الدولة القومية ومن مفهوم السيادة الذي وضعه جان بودان في القرن السادس عشر ، أن معيار "العدوان" في العلاقات بين المجتمعات والدول غير مدرج في المؤشرات مع أنه يمثل انتهاكا لكل الحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية، فالهجوم الأمريكي على العراق –كمثال للتوضيح- فيه اعتداء على الحريات( سجن ابو غريب مثال)، وفيه اعتداء على الحقوق الاقتصادية( عقد اتفاقيات لبيع النفط من حكومة بريمر المحتلة مع شركات أجنبية في غياب تام لإرادة أصحاب النفط) ،وفيه اعتداء على الحقوق السياسية والاجتماعية( عقد محاكمات سريعة وشكلية لقادة النظام السابق أو للجنود الأمريكيين الذين قاموا بجرائم قتل...الخ)...فلماذا لا يسجل ذلك كمؤشر على انتهاك حقوق الإنسان في المقاييس الغربية والدولية المشار لها أعلاه،بما فيها جرائم الحرب ..فعند النظر في المقاييس السابقة نجد أن كافة ما تقوم به إسرائيل لا يؤثر على قيمة نقاط الديمقراطية وحقوق الانسان التي تحسب لها في المقاييس،ونفس الشيء عند قياس التدخل الروسي في أوكرانيا أو التدخل الأطلسي في ليبيا أو التدخل السعودي في اليمن أو البحرين أو التدخل الإيراني في العراق...الخ
بينما –وهنا المفارقة الثانية- تبيح الدول الغربية والأمم المتحدة التدخل " الإنساني"، ولكنها لا تُدخل أوزاره في مقاييس حقوق الإنسان ، وعند مناقشته في لجان الأمم المتحدة يتم تسجيله في نطاق انتهاك القانون الدولي دون أن يؤثر على نقاط الديمقراطية وحقوق الانسان المسجلة للدولة المتدخلة في أي من المقاييس المتداولة كتلك التي أشرت لها، اي أنهم " يعولمون" التدخل ولكنهم من ناحية ثانية " يدولون " حقوق الإنسان ويغلفون المفاهيم بورق السلوفان...
لعلي أعرف السبب أقل مما تعرفونه...ربما.
شوهد المقال 957 مرة
التعليقات (0 تعليقات سابقة):
أضف تعليقك