وليد عبد الحي - التصيد الفرنسي في الخليج
بواسطة 2015-05-06 02:12:21

أ.د . وليد عبد الحي
وجود الرئيس الفرنسي أولاند في القمة الخليجية الحالية ليس منبت الصلة عن استراتيجية فرنسية عبرت عنها صحيفة لوموند الفرنسية وثيقة الصلة بصنع القرار الفرنسي في نهاية العام الماضي بالقول أن فرنسا تمثل " الحليف الغربي الافضل لدول الخليج" ، وتعبير "الأفضل" يعني نتيجة عقد مفاضلة بين باريس وواشنطن، ويبدو أن صحيفة الرياض السعودية تلمست هذا التزاحم بقولها اليوم " أن وجود هولاند في القمة الخليجية هو "رسالة لبعض الاطراف لتقاعسها"، وهي إشارة لا لبس فيها للولايات المتحدة.
إن المراجعة الاستراتيجية التي يتبناها "أوباما" ممثلة في جسر الهوة مع إيران ، والتراجع عن التدخل العسكري في سوريا بعد ما قيل عن استخدام اسلحة كيماوية، والتركيز على فكرة "التحول الاستراتيجي" نحو حوض الهادئ، وتبني مشروع الاستقلال النفطي مع حدود 2035، وتخفيض الميزانية الدفاعية الأمريكية ، دفع لقلق خليجي للبحث عن سند دولي بديل أو مرادف على اقل تقدير،وهو ما استشعرته فرنسا فتقدمت قبل غيرها لملء فراغ بدأ يلوح في الافق الخليجي.
وتتضح ملامح الإستراتيجية الفرنسية في استثمار "المراجعة الإستراتيجية الأمريكية" في النشاط الفرنسي في عقد سلسلة صفقات بيع اسلحة للخليج (بخاصة طائرات رافيل )وأسلحة لمصر ولبنان ممولة من الخليج( تبلغ قيمها مجتمعة 7,1 مليار مع قطر، و 7,1 مليار مماثلة مع مصر ولبنان، واخرى يجري التفاوض عليها مع الإمارات بقيمة حوالي 11 مليار)
فإذا أضفنا لما سبق ان لفرنسا وجودا عسكريا يتنامي بهدوء في الخليج منذ تشغيل القاعدة الفرنسية في الإمارات عام 2009 تشتمل على طائرات وسفن وحوالي 500 فرد، ناهيك عن وجود فرنسي عسكري رمزي في السعودية، إلى جانب دخول حاملة الطائرات الفرنسية شارل ديغول إلى " للخليج" في فبراير الماضي في إطار دعم العمليات في العراق ضد داعش تزداد الصورة وضوحا.
وتتعزز أركان الاستراتيجية الفرنسية الخليجية بالموقف الفرنسي من الاتفاق بين إيران والمجموعة الدولية(5+1)، إذ في الوقت الذي تغذ فيه الولايات المتحدة الخطى لعقد الاتفاق، فإن فرنسا تحاول غواية الخليج بمزيد من الاعتراضات على جوانب من الاتفاق النووي مثل : الاعتراض الفرنسي على عدد اجهزة الطرد المسموح بها لإيران، وعلى كمية اليورانيوم المخصب المسموح لإيران الاحتفاظ بها، كما تطالب باريس بمد فترة القيود قبل رفع الحصار تماما لمدة 25 سنة بدلا من 15 سنة، وهي مطالب تدغدغ الرغبات الخليجية إلى حد الارتعاش.
يتعزز ذلك بتنامي العلاقات التجارية، وقد قدر المدير المساعد لدائرة الشرق الأوسط وشمال افريقيا في الخارجية الفرنسية مارك باريتي ان الخليج يمثل 8% من اجمالي صادرات فرنسا وبحجم تبادل تجاري قارب على عشرين مليار دولار ،إضافة ل 25% من مبيعات فرنسا العسكرية"، كما تعمل عشرات الشركات الفرنسية في الخليج من بينها 70 شركة في السعودية وحدها.
ويبدو أن الدول الخليجية تريد ان تنبه بهذه السياسات أوباما قبل اجتماع الطرفين بعد حوالي تسعة ايام، وستكون الدول الخليجية مسلحة بمدلولات التغلغل الفرنسي من ناحية وبما جرى التلميح له عن " بعض ظن" خليجي بتزحزح الموقف الروسي بعد تفاهمات عقدها أولاند مع بوتين في نهاية ابريل الماضي خلال اجتمعهما في أرمينيا من ناحية ثانية.
نحن الملعب..نحن الكرة... ونحن الجمهور وكل منا يشجع فريقا..أما اللاعبون فانتم تعرفونهم.
شوهد المقال 983 مرة
التعليقات (0 تعليقات سابقة):
أضف تعليقك