صحيفة الوطن الجزائري : حارث حسن - الثمن الإيراني والدور الأمريكي والقوى العراقية حارث حسن - الثمن الإيراني والدور الأمريكي والقوى العراقية ================================================================================ randi on 11:58 25.03.2015 د.حارث حسن الان وبعد أن هدأ وطيس المعارك الحقيقية والافتراضية ، وتراجعت شحنات التوتر العاطفي وتوقفت جماعة "حدد موقفك؟" عن ابتزاز من يقول دعونا نفكر للحظة ، ساطرح الأمور بصراحة وحيادية شديدة ولتصححوا لي ان اخطأت. هي لم تعد ببساطة مواجهة بين داعش والآخرين ، وهي لم تكن كذلك منذ بدايتها ، بل جزء كبير منها هو صراع بين هؤلاء الآخرين على صياغة مرحلة مابعد داعش هذا صراع وليس نزهة ، هو حرب حول القوة والسيطرة والنفوذ ، وليس عركة عشائر تحل بفصل وقصيدة وهوسة ومناشدة لـ "الضمائر" و تذكير بالشرف والغيرة. الامريكيون يريدون التخلص من داعش لكنهم لايريدون تسليم العراق تماما للنفوذ الايراني بل التأكد ان هذا النفوذ لايتجاوز حدوده الراهنة ، ولذلك بات التحذير من خطر "الميليشيات الشيعية" والانتقام الطائفي جزءً رئيسياً من صراع "السرديات" في هذه المواجهة التي كللها تصريح بترايوس الأخير. الأمريكيون لن يساعدوا جيشا يقوده جنرال ايراني بتحرير مدن ذات غالبية سنية ،واقصى ما قد يفعلونه هو التفرج، ولكن التفرج قد يعني فيما يعنيه عدم الضغط على الدول الاقليمية التي تريد ان تستنزف الايرانيين عبر داعش ، وان كان هناك في الجانب الأمريكي من هم أكثر رغبة بجعلها حرب استنزاف طويلة ، وموقف هؤلاء عبر عنه توماس فريدمان - متظاهرا بأنه لايقصد ما يقول - حين طرح السؤال: هل علينا تسليح داعش ؟ ثمن الدعم الأمريكي للحرب ضد داعش هو "عراق لاتسيطر عليه ايران تماماً". فما هو الثمن الايراني ؟ لم تكن صور قاسم سليماني نتاج لحظة عفوية بل كانت تحمل رسائل واضحة. ايران تساعدكم ان اعترفتم بنفوذها والأهم من ذلك ان اصبحتم جزءا من معسكر المواجهة الاقليمي الذي تقوده ايران في المنطقة ، وهو ماأغضب السيد مقتدى الصدر الذي قرأ ذلك بوصفه سياسة ايرانية لتوظيف الصراع لمصلحتها، ومن هنا تقاربه التكتيكي الأخير مع علاوي. الايرانيون يريدون الثمن ولاءا شيعيا مطلقا واندراجا في معسكر "المقاومة" ، لاحظوا ان القوى الرئيسية التي تتصدر الحشد "بدر والعصائب وكتائب حزب الله" تطلق على نفسها تسمية المقاومة الاسلامية ، والسؤال هو : المقاومة لمن ، ومن اجل ماذا؟ تقوية هذه الجماعات سيكون بالطبع على حساب تلك القوى الشيعية التي لديها استقلالية في القرار ، وتحديدا المرجعية الشيعية والتيار الصدري ، ولصالح استكمال اندراج شيعة العراق في المحور الايراني. ماذا عن القوى العراقية القوى الشيعية منقسمة بين تيار المالكي-العامري-الخزعلي الذي يمتلك الاغلبية ويميل الى النظرة الايرانية للامور ، وبين تيار الحكيم الذي يزداد قربا للعبادي ويريد الموازنة بين الايرانيين والامريكيين ولكنه لايمتلك قاعدة شعبية كبيرة ، وتيار الصدر الملتزم بمعاداة الأمريكيين وعدم الاطمئنان للايرانيين. الكرد ، وتحديدا فريق البارزاني ، يحاولون توظيف الامور لمصلحتهم ليس فقط عبر فرض الأمر الواقع في الأراضي المتنازع عليها ، بل وايضا عبر صناعة وكسب بعض القوى السنية التي يمكن ان تلعب دورا مستقبليا ، وعبر مواصلة تقديم انفسهم للغرب باعتبارهم شركائه المخلصين الحقيقيين ، ولنتذكر ان السيد مسرور البارزاني سبق بترايوس بعدة ايام بالتصريح بأن "الميليشيات الشيعية أخطر من داعش" . العرب السنة ، يظلون موضوعا للصراع - وللخديعة - لافتقارهم للقوى السياسية والاجتماعية الراسخة ، وهم اليوم ينقسمون الى جماعة بغداد وهؤلاء بانتظار أن تفرز الامور منتصرا واضحا ليصعدوا مركبه ، وجماعة اربيل وهؤلاء يتم شحنهم طائفيا واقناعهم ان "الشيعة" هم عدوكم الرئيسي ، وجماعة الحشد وهؤلاء يضيعون ويصغرون مع تضخم الصبغة الشيعية للحشد ، وجماعة داعش. هذه حرب نفوذ وسيطرة ، نحن في معظم الوقت مواضيعها ولسنا فاعلين حقيقيين فيها ، قد تنتهي الى ان ترسم حدود الدم كما تنبا السيد البارزاني ، او تسمح بتوطيد دعائم عراق بمركزية شيعية ان اتفق الأيرانيون والأمريكيون على ذلك ، أو تؤدي الى تكريس معادلة حكم جديدة قائمة على الاضلاع الاثنو-طائفية الثلاثة واعادة انتاج النظام الحالي. هي حرب مع داعش ، لكن في ثنايا تفاصيلها المعقدة ، تبدو داعش مجرد تفصيل صغير.