عثمان لحياني - تطورات ليبية..هندسة مصرية
بواسطة 2022-02-12 01:04:19

عثمان لحياني
التطورات في لبييا مقلقة لأنها ترشح المشهد الليبي للعودة الى مربع الصراعات السياسية والمظاهر المسلحة والحرب المناطقية، المسار الجديد الذي بدأه الجسم التشريعي (مجلس النواب) بانتخاب رئيس حكومة جديد فتحي باشاغا، يقع في تعارض مع المسار الأممي المتوافق عليه دوليا، ولذلك يرفض رئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة التسليم لرئيس الحكومة الجديد، مدعوما باعتراف اممي ، حيث أعلنت الأمم المتحدة انها لا تزال تعترف بحكومة الدبيبة.
المسار الجديد، وعلى فرض انه كان نتاج توافقات محلية صرفة، يتعارض أيضا مع نص الاتفاق السياسي الذي انتهى اليه الحوار الليبي السابق، برعاية أممية وبتوافقات دولية، والذي أفضى الى تشكيل المجلس الرئاسي وحكومة الدبيبة ينص على أن تسلم الحكومة السلطة الى سلطة منتخبة، ما يعني أنه ليست حكومة باشاغا فقط من ستواجه مشكلة الاعتراف الدولي، ولكن المسار الجديد برمته.
من الواضح أن المسار الجديد هندسة مصرية بتوافقات محدودة مع بعض القوى المتدخلة في الشأن الليبي، لتعويض الانكسار العسكري بمكسب سياسي، ويظهر ذلك أن القاهرة نجحت في الامساك بأبرز خيوط اللعبة في ليبيا، يمكن أن نفهم ان الاتصال الهاتفي الذي جرى بين الرئيس المصري والرئيس الجزائري عشية انتخاب باشاغا، كان بهدف ابلاغ القاهرة للجزائر بالتطورات التي ستحصل وخلاصة التفاهمات التي تم التوصل اليها، ولقاء عقيلة صالح بسفير الجزائر في ليبيا قبل أيام ، يدخل في نفس السياق.
قبل انتخابه رئيسا للحكومة، كان لابد لباشاغا من المرور على القاهرة أولا، في زيارة لم تكن لتنسجم مع مواقف الطرفين المتعاكسة خلال الحرب الأخيرة، والقاهرة هي التي سهلت توافقاته السياسية مع عقيلة صالح ومعسكر حفتر، حيث كان التقى بهما في بنغازي وطبرق، ولذلك كان واضحا أن هناك توجه نحو انتاج هذه المشهدية الجديدة بتصعيد باشاغا، بعدما كانت القاهرة حصلت أيضا من الدبيبة على اتفاق بأربعة مليارات دولار لصالح مجمع الشركات المصرية التي ستنفذ مشاريع بنى تحتية في ليبيا( في مقابل تعثر لصفقة توربينات لصالح سونلغاز واستعادة سوناطراك للعمل في حقلين نفطيين كانا بحوزتها منذ عام 2006).
بالنسبة للمصريين، فان تصعيد وزير الداخلية طرابلس السابق فتحي باشاغا، صاحب النفوذ على تشكيلات مسلحة في طرابلس، يضعه في مواجهة مباشرة مع حكومة الدبيبة ومع قطاع واسع من القوى السياسية والتشكيلات المسلحة في منطقة الغرب، وهذا يعني نجاح المصريين في نقل الانقسام الذي كان أفقيا بين الشرق والغرب ، وبين طرابلس الوفاق وبن غازي حفتر، الى انقسام عمودي في جبهة الغرب نفسها، ودق اسفين الصراع بين القوى التي ساعد توحدها في صد هجوم حفتر على طرابلس.
ليس هذا هو الهدف الأقصى بالنسبة للمحور المصري، لأنه اذا كان من المهم بالنسبة لهذا المحور سحب باشاغا الذي كان أبرز الداعمين لاتفاق حكومة الوفاق مع تركيا في المعاهدة البحرية، وابعاده عن أنقرة، فان الهدف الأبرز أيضا هو تحييد باشاغا وقد كان أبرز مرشح رئاسي في الانتخابات 24 ديسمبر الماضي، من سباق الانتخابات الرئاسية المقبلة متى ما تمت، (لكونه كرئيس حكومة لا يسمح له بالترشح)، وقد يكون ذلك صلب التوافق السياسي الذي حصل، لفسح الطريق لمرشح المحور المصري .
شوهد المقال 1183 مرة
التعليقات (0 تعليقات سابقة):
أضف تعليقك