نجيب بلحيمر ـ مجازفة التأويل " شعارات الحراك الجزائري "
بواسطة 2021-03-01 02:09:09

نجيب بلحيمر
الاستغراق في التحليل قد يحجب عنا التفاصيل البسيطة التي نراها على الأرض، والاجتهاد في البحث عن قراءات تؤكد ما نفكر فيه يؤدي في بعض الحالات إلى الابتعاد عن الحقيقة أو تشويهها.
عندما انطلقت المظاهرات في 22 فيفري 2019 كان الناس يرددون شعارات خرجت في أغلبها من مدرجات الملاعب، وقد بدأ التنبيه مبكرا إلى ضرورة التخلي عن بعض الشعارات كما حدث مع شعار "بوتفليقة يا المروكي ما كانش عهدة خامسة" الذي دعا جزائريون عبر فيسبوك إلى التخلي عنه لأنه مسيء، وقد اختفى هذا الشعار مع مرور الوقت.
شعار "الشعب يريد إسقاط النظام" الذي نسمعه بوضوح في هذا الفيديو الذي صوره الصديق صابر وازين في الجمعة الثالثة ( 8 مارس 2019 ) هو شعار ظهر حتى قبل 22 فيفري ونعرف جميعا انه من الشعارات التي رفعت في الدول التي شهدت موجة الربيع العربي، وقد يستطيع أي شخص اتخاذ هذا الشعار دليلا للقول بأن ما صار الخطاب الرسمي يسميه "الحراك المبارك الأصيل" هو جزء من تلك الموجة التي كانت وراءها قوى أجنبية لضرب استقرار دول بعينها والتي سميت بالربيع العربي، وهذه أطروحات نجدها بوضوح في كتابات منظر المؤامرة أحمد بن سعادة، وحتى في كتابات وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة.
كان الجزائريون يرفعون شعار إسقاط النظام وهم يلوحون بالورود في وجوه رجال الشرطة، ولم يحدث خلال السنتين الماضيتين أن أدين أي من هؤلاء المئات الذين اعتقلوا وسجنوا بسبب نضالهم من أجل الحرية بارتكاب أي أعمال عنف، وما زالت المسيرة مستمرة بنفس الإصرار على السلمية، وهو ما يعني ببساطة أن تفسير هذا الشعار على أنه سعي إلى إسقاط الدولة هو تحميل الشعار ما لا يحتمل.
لا يحق لأحد أن يحتكر تأويل الشعارات، أو يحدد المدى الذي يريد الجزائريون أن يبلغه التغيير، لكن ما نحن متفقون حوله اليوم هو أن هناك إجماعا على السلمية، وعلى التغيير الحقيقي الذي لم يتحقق بورقة الطريق التي فرضتها السلطة خلال السنتين الماضيتين.
سيكون من المفيد لنا جميعا أن نتعامل مع ما يجري في الشارع بكثير من الموضوعية والنظر إليه من مختلف الزوايا، والموضوعية تجعل الوقائع فوق التأويل والتحليل والتكهن.. الوقائع تقول بأن السلمية ثابت لم يتزعزع رغم القمع والتخويف والتضييق، وهذا مكسب عظيم يخدم الجميع مهما اختلفت الخيارات والمواقف.
شوهد المقال 349 مرة
التعليقات (0 تعليقات سابقة):
أضف تعليقك